محمد سليمان العنقري
تستهدف موازنة العام القادم 2019 م رفع نسبة النمو بالاقتصاد الوطني من خلال التوسع بالإنفاق حيث أعلن بالبيان التمهيدي للموازنة من قبل وزارة المالية أن حجم الإنفاق سيبلغ 1106 مليارات ريال وهو أعلى تقدير للموازنة العامة بتاريخ المملكة ومن المرجح أن ينمو الاقتصاد العام القادم بأكثر من 2،5 % بينما ترجح بعض التقارير أن يكون التأثير الإيجابي بالنمو من القطاع غير النفطي والذي قد يلامس نموه 3 % على أقل تقدير.
لكن السؤال الذي يتبادر للأذهان ماهي الانعكاسات على القطاعات وأيها سيكون المستفيد الأكبر من النمو أو من سيكون الأكثر تأثيراً بنمو الاقتصاد بالقطاع غير النفطي، عادة إذا أردت أن تعرف أن النمو صحي بالاقتصاد فعليك أن تنظر للقطاع العقاري فإذا كان فيه نمو بالتطوير والإنشاء وليس «بالمضاربات» فيكون النمو صحي بالاقتصاد لأنه ينعكس على عشرات القطاعات بالإيجاب مثل مواد البناء والتمويل والمقاولات وغيرها وهي محركات جذب الاستثمارات وتوليد فرص العمل.
وبما أن الموازنة القادمة توسعية لهدف رفع معدلات النمو بالإضافة لبرامج تحفيز عديدة اعتمدت سابقا ويجري العمل على استكمال تنفيذها فسنفترض أن الطلب الكلي بالاقتصاد سيرتفع وهذا يعني أن العقار سيكون لاعباً رئيسياً في القطاعات المؤثرة بل القائدة للنمو، لكن لابد من تفصيل بعض النقاط المهمة التي تدعم هذا التصور إضافة إلى نوعية النشاط بهذا القطاع الحيوي.
بخلاف الموازنة العامة المتوقع أنها توسعية فإن من بين أهم أهداف رؤية 2030 م والتي تقوم الموازنات على دعم تنفيذها تنمية قطاعات إما تأثيرها ضعيف بالاقتصاد أو مغيبة تماماً مثل قطاعات السياحة والترفيه المحدودة الحجم إضافة لقطاع التطوير العقاري «السكني» يضاف لذلك المشاريع اللوجستية وكذلك تطوير المرافق الخدمية عموما فالرؤية تستهدف ثمانية قطاعات بشكل أساسي من بينها ما تم ذكره وهو ما يعني أن النشاط العقاري سيكون نوعي ونخبوي بالمشاريع السياحية كالفنادق والمنتجعات بالإضافة لما يخدم استيعاب زيادة المعتمرين حسب المستهدف وهو ما يخص المناطق المعنية مباشرة مكة المكرمة والمدينة المنورة، يضاف لذلك التوجه نحو التركيز على التطوير المميز للمشاريع التجارية والخدمية خصوصا مع التوجه لأنسنة المدن وبذلك فإن النشاط العقاري المتوقع لن يكون بالمضاربات بل بالتطوير وبالمواقع ذات الجدوى الاقتصادية المرتفعة.
أما القطاع السكني فهو يعتمد على عدة معايير حتى يكون فيه تحسن كبير أهمها أن يكون التطوير لمواقع قابلة للسكن وتتوفر بها الخدمات إضافة لنوعية المنتجات من حيث مناسبة السعر للشريحة الواسعة من طالبي السكن وكذلك جودة ونوع المنتج إضافة لتوفر قنوات تمويل تتناسب مع دخل الشريحة الواسعة المستهدفة ولن يكون هناك التفات للمواقع غير المخدومة أو المبالغ بأسعارها لأن السوق بات أكثر واقعية والمستهلك يعرف ما يريد وسيتماشى مع وضعه من حيث الدخل وتكاليف المعيشة خصوصا أن اشتراطات التمويل أصبحت تأخذ بعين الاعتبار تفاصيل مهمة في ملاءة طالب القرض كما أن زيادة المعروض التدريجية مستقبلاً ستعطي خيارات عديدة بالسوق لطالبي السكن.
إذا كان النمو الاقتصادي المستهدف بالعام القادم وما بعده سيركز على تعظيم دور القطاع غير النفطي وكذلك دور القطاع الخاص فيه كما هو معلن فإن القطاع العقاري سيكون من بين أكبر المستفيدين لكن ليس بالنمط السابق إنما حسب معايير الاستثمار المعروفة وجدواها والعائد المتوقع إضافة لعدالة الأسعار وهذا كله يعتمد على سرعة دوران محركات الاقتصاد وترجمة توجهات الموازنة والرؤية إلى نتائج سريعة حسب الجدول الزمني الموضوع لها.