د.عبدالعزيز العمر
قاد مفكر تربوي هندي معروف سيارته منطلقا من مدينة مومباي مبتعدا عن المراكز الحضارية مرورًا بقرى وبمناطق ريفية نائية. كان هذا التربوي يحمل معه في سيارته مجموعة من الاختبارات والمقاييس المقننة التي تقيس المستويات المعرفية والفكرية والسلوكية للطلاب. وكان كلما مر بمدينه أو قرية أو تجمع قبلي يقيس بأدواته قدرات ومهارات واتجاهات الطلاب في تلك المنطقة. لاحظ ذلك المفكر التربوي أن مستويات الطلاب التعليمية الفكرية تهبط وتنحدر كلما ابتعدنا عن المركز الحضاري. قد يكون ما توصل إليه هذا الباحث الهندي أمرًا موجودًا في كثير من الدول، ونحن لسنا استثناء. ما أريد الوصول إليه هو أن المناطق النائية تتطلب جهودًا تعليمية إضافية للتغلب على مشكلات محددة تظهر غالبا في تلك المناطق النائية. ولعل أهم تلك المشكلات هو أن بعض الطلاب والمجتمع المحلي عموما هناك اعتادوا أن يأخذوا حقوقهم بأيديهم تحت عناوين القبلية والشجاعة واسترداد الحق بالسلاح أحيانا، متجاهلين أن هناك قانونًا وتشريعًا وسلطة تنفيذية تعيد لكل صاحب حق حقه. إن ثقافة التقاضي واللجوء للقضاء ومعرفة إجراءته ونظمه والدفع بالحجج للحصول على الحقوق لا تزال للأسف ثقافة غائبة عن أذهان طلابنا. نسمع أحيانًا عن مشاجرات تحدث بين شبابنا الطلاب، مما قد يضطر المجني عليه (ولو بكلمة) إلى الانتقام بالقتل، متجاهلاً إن هناك قضاء ومحاكم وقانونًا يعيد إليه حقه. كل أدبيات التربية تقول إن المدرسة تستطيع عن طريق بعض البرامج والأنشطة التعليمية نشر ثقافة وممارسة التقاضي واللجوء إلى القانون والتشريع للحصول على الحقوق، لكن هذا لم يتحقق بعد.