د. حمزة السالم
تتبع النصوص وتنزيلها على واقع المسلمين عبر الأزمنة والأمكنة والممالك، لا يدع شكاً في أن نصاب النقد فيه سعة وتقريب.
وعلى كل حال، فمهما اختلفت الأمور والأحوال، ورغم أن في النصاب سعة كبيرة، إلا أنه محدود بين أنقى الذهب صفاء وبين أقل الفضة صفاء. ففي بلادنا مثلا، فلعل نصاب الذهب الصافي هو الأمثل والأقرب. بينما قد يكون نصاب الفضة هو الأورع والأمثل في بلاد فقيرة.
ولإعطاء تصور بسيط عن اختلاف النصاب وتباينه تبايناً شديداً بين يوم ويوم وبين بلد وبلد وبين مقياس ومقياس: فمقياس الذهب ممن حيث وزن الصفاء حسب السوق الدولية سبع درجات وفي الفضة ستة درجات. وعليه فنصاب الذهب بالريال، يتراوح بين 15000ريال-5000ريال. واختلاف نصاب الفضة يتراوح بين 1500ريال-500ريال. فنصاب النقد إذا، يتراوح بين 15000ريال– 500ريال.
فربما يكون حساب النصاب بالقوة الشرائية لنقد عصر النبوة، هو الأقرب لجوهر النص، بمطابقة حقيقته لا صورته.
فعن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يأخذ من كل عشرين دينارًا نصف دينار” وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ليس في أقل من عشرين مثقالاً من الذهب، ولا في أقل من مائتي درهم- صدقة» وعنه في سنن أبي داود - باب الدية كم هي، قال «كانت قيمة الدية على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثمانمائة دينار، أو ثمانية آلاف درهم».
فنصاب الفضة على ما جاء به النص، يتحقق إذا بلغ مائتي درهم، زكاتها خمسة دراهم أي نصف دينار تقريبا. ونصاب الدينار عشرون دينارا، زكاتها نصف دينار من الذهب أو خمسة دراهم. فنسبة دينار الذهب لدرهم الفضة، زمن تنزيل الوحي، كانت واحد إلى عشرة.
وحديث عروة رضي الله عنه قال: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطاه دينارا ليشتري به له شاة فاشترى له به شاتين، فباع إحداهما بدينار وجاءه بدينار وشاة» رواه أحمد وأبو داود
فهذا يعني أن نصاب الفضة يأتي بأربعين رأس طيبة من الضأن كالتي أتى بها عروةٌ الرسولَ عليه الصلاة والسلام. فكم هي قيمة أربعين خروفا طيبا اليوم في ديارنا السعودية؟ لا تقل عن أربعين ألف ريالا. وهو مبلغ معقول ليُحدد مستوى الثراء في بلاد كالمملكة العربية السعودية.
والقوة الشرائية في البلد ودرجة ثراء أهلها، له دور كبير في تحديد مقدار النصاب في تلك البلد. فبهذا يُعتمد النص التشريعي بالنصاب، بينما تختلف حساب قيمة النصاب عبر العصور والأمكنة ومن بلد لأخر، تبعاً لثراء، أهلها وغلاء معيشتها، وثقافتها، في تفضيل الإبل أو البقر أو الغنم.
فما المانع الشرعي إما أن يُحدد النصاب بالقوة الشرائية طبقا لما جاء به النص التشريعي، فتنتهي جميع الخلافات والتناقضات حول مقدار النصاب. أم أنه سيتبع الخلاف في رؤية الهلال بالعين المجردة أو بالمناظير، فالحمد الله على كل حال.