د. أحمد الفراج
بدأ يتبلور حاليا -وبوضوح- حلف سياسي إعلامي حول جادة بنسلفانيا افنيو في واشنطن، ورغم أن هذا الحلف كان موجودا، منذ صاعقة فوز الرئيس ترمب بالرئاسة الأمريكية، إلا أن نتائج الانتخابات النصفية في نوفمبر الماضي، وتطورات تحقيقات المحقق الخاص، روبرت مولر، في قضية التدخل الروسي بالانتخابات الأمريكية، جعلت هذا الحلف يكشّر عن أنيابه، في مرحلة استقطاب كبرى، شملت حتى بعض الجمهوريين المعتدلين من أنصار ترمب، وتشعر أحيانًا أن هناك حالة حصار على ترمب، تمنعه حتى من القيام بمهامه، كرئيس لأقوى دولة على وجه الأرض، ويعجب المتابع من حالة التدقيق والتمحيص، التي يتعرض لها ترمب، والتسريبات التي يتم ترويجها عنه، وعن حلفائه المقربين، وأهمهم المملكة، التي تعتبرها إدارة ترمب حجر الزاوية في سياساتها في المنطقة!
لا يمكن الجدال حول الحرب الشرسة على ترمب، التي يتبناها الحلف المضاد له، وهو حلف يتشكل من اليسار الأمريكي، أيتام أوباما وهيلاري كلينتون، وتسانده إيران وتركيا واللوبيات التي تعمل لصالحهما، ويتولى الدعم المالي والإعلامي لهذا الحلف نظام قطر، الذي أنفق -وما زال ينفق- المليارات لتأسيس منصات إعلامية حول العالم، وشراء ذمم كتّاب ومثقفين غربيين، ويخترق حتى بعض مراكز البحوث والدراسات، التي يسيل لعاب بعضها ويضعف أمام الأصفر الرنان، وما الحرب الشعواء على المملكة وقيادتها، إلا جزء من الحرب على ترمب، فالهدف هو تخريب التحالف الإستراتيجي بين المملكة وأمريكا بأي ثمن، لأن هذا التحالف يقف بقوة ضد التطرف والإرهاب وضد الدول المارقة، وتحديدا إيران الملالي، التي يدعمها اليسار الغربي وحلفاؤه في الشرق الأوسط!
لم يكن هينا على الحلف المارق أن يفوز ترمب، الذي قطع عهدًا على نفسه، بأن يجعل مصلحة أمريكا العليا فوق أي اعتبار، وأن يخدم المواطن الأمريكي، الذي تم تهميشه من الإدارات السابقة، في سبيل خدمة أجندات خارجية، فأوباما أعطى إيران مليارات الدولارات، وهي الأموال التي استخدمتها لدعم التطرف والإرهاب، وللتوسع ونشر الفوضى في دول الجوار، ولم يكن ترمب على استعداد لأن يهادن، فهو ليس مدينا لأحد، إذ فاز رغمًا عن أنف الجميع، بما في ذلك الحزب الجمهوري ذاته، وبالتالي نفّذ معظم وعوده، ومن أهمها إعادة صياغة تحالفات أمريكا في منطقة الشرق الأوسط، التي كاد أوباما أن يدمرها، وقد فعل ذلك بسلالة وامتياز، ما جعل خصومه داخل أمريكا وخارجها يفقدون صوابهم، ويعملون على محاولات إسقاطه، عن طريق إسقاط أوثق حلفائه، وما زالت محاولاتهم جارية، بل وتزداد شراسة، وسيتواصل الحديث عن كل ذلك!