علي خضران القرني
مفتتح: دأب كثير من الكتاب والأدباء والنقاد، على جمع مقالاتهم، التي تتسم بالزمنية في مدلولها (حاضراً ومستقبلاً)، والتي يقومون بنشرها في بعض الصحف والمجلات الورقية وإصدارها في كتب حفظاً لها من الضياع والتشتت، ولتكون في متناول أيدي الباحثين والدارسين والقراء على حد سواء.
• وهي في نظري عادة حسنة وباتت مألوفة قديماً وحديثاً، لا يلام من درج عليها من جيل اليوم، خاصة إذا كانت ذوات مدلول في مراميها، وصالحة لكل زمان ومكان.
• بداية: ربما كنت من أوائل من حظى بأحد الإصدارات الجديدة لنادي الطائف الأدبي الثقافي، الجميل «شكلاً وإخراجاً وتسمية ورسماً» الموسوم بـ[عطر النقد] للأديب الناقد الأستاذ/ حسين محمد بافقيه، ويقع في (207)ص من القطع المتوسط لعام 1439هـ، ويحتوي على (52) مقالة كلها تتحدث عن موضوعات نقدية، تناولها الناقد بأسلوب سهل ممتع، وبكلمات [زانها التشكيل] بحيث يفهمها القارئ العادي، والمتعلم على حدّ سواء، وهي عادة لا يسلكها إلا النقاد الكبار، ممن تتلمذوا على مناهج القدامى من جهابذة القول وأساطين المعرفة.
• ولعل التسمية التي أطلقها المؤلف على كتابه على حد خُبري غير مسبوقة، أراد بها إيجاد رابطة جاذبة بين الناقد والمنقود قوامها التآلف وكسر حاجز التباعد بينهما، وهي رؤية فلسفية تضفي على النقد والنقاد سحابة ماطرة [من التعاون والمحبة].
• ورغم ابتعاد الناقد عن التطويل في مقالاته إلا أن الإيجاز ألبسها حلة قشيبة من وضوح المعاني ومدلولاتها، وهي مختارة من مقالات سبق له نشر معظمها في صحيفة مكة الورقية (الندوة سابقاً) وأقلّها في صحيفة القبس الكويتية وقد وفق في حسن اختيار المقالات وانتقائها.
• وقد تصدرت موضوعات الكتاب كلمة ((للقاضي الجرجاني العالم اللغوي الكبير عن كتاب «الوساطة بين المتنبي وخصومه» هدف منها المؤلف تأكيد وجهة نظره النقدية)).
• والمؤلف ليس في حاجة إلى تعريف، فشهرته الأدبية والنقدية لا تخفى على كل أديب ومثقف ومن متابعتي لما دار ويدور في الساحة الأدبية، وما واكبها من نهضة أدبية في بداياتها الأولى والحالية، يعتبر المؤلف في طليعة أدباء الشباب الطموح ممن كان لهم الدور البارز في هذه النهضة، من خلال إسهاماته ومشاركاته في اللقاءات والندوات والمحاضرات والأمسيات على المستويين المحلي والخارجي، إضافة إلى عضوياته العديدة في كثير من المؤسسات الثقافية والأدبية وحصوله على العديد من الجوائز وشهادات التقدير والتكريم ورئاسته لمجلة الحج والتي وصلت في عهده إلى نقلة نوعية في تخصصها (شكلاً ومضموناً).
• إن من يجول في قراءة موضوعات الكتاب لا يمل، فما أن ينتهي من قراءة مقال إلا ويشده قراءة المقال الذي بعده.
• وأختم هذه الجولة السريعة بمجموعة أسطر اخترتها من مقال للمؤلف بعنوان «ديباجة الكتاب... الأدب النقدي ص11» ((فهذه مقالات نشر معظمها في صحيفة مكة الورقية، وأقلّها في صحيفة القبس الكويتية، رائدُها أنْ تَدُلَّ على الطَّريقة التي ارتضيتُها في نَقْد الأدب، فقدْ آنَ للنقد الأدبيّ أن يُعبِّر عن الخِبرة والبصيرة والذَّوق، فالمنهج ليس شيئاً مستعاراً، إنَّما هو جِمَاع كُلِّ أولئك، ولا غِنًى للنَّقْد الأدبيّ عن أن يكون أدباً نَقديَّاً، إنْ أراد ناقد الأدب أن يكسب قارئه ولا يخسره. وتتفاوت هذه المقالات، فيما بينها، قِصَراً وطُولاً، ويُومئِ أكثرُها إلى تلك الغاية التي رأيتُ أنَّ نَقْد الأدب ليس له قِوامٌ إلا بها)).
• خاتمة: كتاب عطر النقد في نظري هو كتاب الموسم وقد وفق نادي الطائف الأدبي في اختياره ضمن مطبوعاته وهو يضاهي في رأيي المتواضع قراءات عابرة أو نقدات عابر للناقد الكبير الراحل مارون عبود.