محمد جبر الحربي
مَشَيْتُ فلا أهْلاً.. حلَلْتُ ولا سَهْلا
وعِشْتُ فلا عيشٌ وكنتُ بهِ أهْلا
وعِشتُ زَمَاَنَ القطْعِ، والوصْلُ ماثِلٌ
أصِيحُ بهِ هيَّا.. فيصرُخُ بي مَهْلا
شَدَدْتُ بهِ بعضِي ببعضِي لحَاجةٍ
ومِنْ غيرِ أجْرٍ قدْ شدَدْتُ بهِ الأهْلا
كبيراً، وما كانتْ شؤوني كبيرةً
وخِلاً وما يلقَى، إذا ما اتَّقَى خِلاّ
عدوتُ به شمساً على كلِّ شامِتٍ
وعدتُ لهُ بدراً وعدتُ لهُ ظِلاّ
ولكنَّما مَدٌّ، وجَزْرٌ عِنَـــادُهُ
يُوزِّعُ فيَّ الطفلَ إذْ يَجْمَعُ الكَهْلا
أوقتٌ كما أبديتُ نًصْحاً لجاهِلٍ
كوقتٍ بما أبديتُ للنَّاصِحِ الجَهْلا..؟!
خليليَّ ما تلكَ النُّجُومُ بمطلبي
فكمْ نجمةٍ نجْلا.. وكمْ نجمةٍ خَجْلَى
وكم نجمةٍ تختالُ أنِّي عشيقُها
وفي الشِّعْرِ كمْ يَختالُ وردٌ على دِفْلَى
وكمْ نجمةٍ في السِّرِّ تُفضِي بجمْرِها
أما يكتفي الظَّمآنُ مِنْ مائِنا عَلاّ؟!
يُثَرْثِرْنَ مــا يدرِينَ أنِّي قتيلُها
وأنِّي نهلتُ الحُبَّ مِنْ كفِّها نَهْلا
وأنِّي أنا المجنونُ ما جُنَّ شاعـرٌ
وأنِّي أنا المفتونُ إنْ أسْفَرَتْ ليْلَى
وأنِّي نذرتُ الشِّعرَ حرفي بحرفِها
فما أنجبَ الحرفانِ إلاّ لها مِثْلا
خليليَّ ما نامتْ عيوني على الطُّوَى
ولا هبَطتْ صعباً، ولا صَعَدَتْ سهْلا
ولكنَّها تبكي وما كلُّ مَنْ بَكَى
بباكٍ، وليستْ كلُّ نائحةٍ ثكْلَى
لِنَخْلٍ على العِلَّاتِ مُجْتَرِحٍ عُلا
وكَرْمٍ على الزَّلاّتِ مُعتَصَرٍ نُبْلا
بأرضٍ ينامُ الناسُ فيها وساهِرٌ
على عُرْيِها خوفاً يُدَثِّرُ ما اعْتَلاّ
ويحلُمُ أنَّ الغيْمَ يهمِي لِهَمِّها
ويزْعُمُ أنَّ الغيثَ قدْ يُرْجِعُ الرَّحْلا
وما جُنَّتِ الألوانُ بلْ جُنَّتْ الدُّنَى
إنِ استقبلتْ عينٌ سوى حزنِها كُحْلا