عرفت الشيخ عبد الله بن محمد الشايع رحمه الله عندما التقيت به في 29 ربيع الأول من عام 1433هـ و هو في رحلة علمية بحثية في بلاد بارق بمنطقة عسير ، و كان الغرض منها كما قال تقصي طريق الحاج اليماني التي تعبر بلاد بارق و وقفت معه على بعض الآثار التي ربما تكون دليلا على الطريق ، ما شد انتباهي شخصية الرجل العلمية فعندما دار الحديث بيني و بينه وجدته ذا علم غزير في البلدانيات و أدبها ، حاضر الذهن للاستشهاد بالأبيات الشعرية ذات الدلالات البلدانية ، انتقائي في أسئلته الحوارية ، يركز على الهدف الذي جاء من أجله ، أضف إلى ذلك أنه يتعامل مع التقنية الحديثة من خلال جهاز حاسوب يحمله معه للاستعانة بالخرائط المحملة عليه ، و أكاد أجزم أن رجلا مثله و قد بلغ الثمانين من عمره لا يكاد يحسن فتح هذه الأجهزة فضلا عن التعامل معها ، و إنما هي همة هذا الرجل العالية ، و شوقه و شغفه بالعلم و المعرفة إلى آخر سني حياته- جعلت منه شخصية نادرة في زمننا هذا ، فارقته و لايزال الحديث بيني و بينه شيقا و ممتعا ، كيف لا و أنا أمام هامة علمية سامقة حوت من علوم البلدانيات و آدابها أجلها و أطيبها ، و سهلت على رواد العلم من بعده أخذ هذا العلم من مظانه ، و تقصي حقائقه على أرض الواقع ، فارقته و قد أهداني كتابيه ( بين اليمامة وحجر اليمامة ) و ( في أرض البخور و اللبان ) ، فارقته و أنا مندهش من بساطته و عدم تكلفه في الحديث على رغم ما هو عليه من العلم و المعرفة ، فارقته و قد أخذت درسا بأن العلم لا يشيخ و إن شاخ الجسدفارقته و أنا أتأمل القول المأثور : ( اطلب العلم من المهد إلى اللحد) رحم الله الشيخ عبد الله بن محمد الشايع و أسكنه فسيح جناته
** **
عبد الله بن محمد الفقيه البارقي - باحث