سمر المقرن
في خبر ليس بطريف، أن رجلاً تم الحكم عليه بـ40 جلدة بعد أن بعث إلى طليقته 600 رسالة تتضمن السب والشتم والقذف، بسبب خلافات على الحضانة واتهامات ليس لها أول من آخر. في الحقيقة مثل هذه القضايا تحتاج إلى فتح الملفات عن مرحلة التعايش ما بعد الطلاق، وضرورة رفع الوعي بأن الطلاق لا يعني أبداً أن يفتح أبواب العداوة والبغضاء سواء بوجود أطفال أو حتى بدون، لأن فكرة الطلاق هي عدم رغبة طرف أو الطرفين باستمرار الحياة الزوجية، وهذا من حق أي إنسان أن يقرر مصير حياته، ولا يعني الابتعاد عن الحياة بقرب شخص أن تشب نيران البغضاء بينهما. بل على العكس تماماً، فمن أجمل الأخلاق الإنسانية أن يكون للابتعاد احترام وتقدير، وأن يتجاوز الإنسان الشعور بالألم الذي كان يعيشه جراء معاشرة شخص آخر، وأن يجعل الذكرى الجميلة هي التي تزوره من وقت لآخر، لأن الطليقين وإن كانا قد وصلا إلى ما وصلا إليه، فلا بد أن هناك أيامًا وأوقات جميلة قد عاشوها سوياً، حتى وإن كانت قليلة فهي التي من المهم أن يستحضرها الإنسان إذا ما تذكر الشخص الذي فارقه. أما استحضار المواقف المريرة فهي التي تجعل البغضاء تنمو أكثر وتنزح بالشخص إلى الرغبة بالانتقام، وللأسف هذا يتم عن طريق أطراف أخرى ليس لها ذنب سوى أن تكون ضحية هذه السلوكيات السلبية، وأن يتذكر الطرفان أنهما قد أنهيا حياتهما الزوجية للابتعاد عن المشاكل، فلماذا يجعلوها تمتد وتكبر بعد الطلاق؟!
رغبة الانتقام تشبه موج البحر، لا نهاية لها، بل إن كل موجة تأتي أعلى من التي قبلها. ومن يدخل في هذه الحالة لن يخرج منها أبداً، وإن كان لا يهمه الطرف الآخر ولا يأبه لأمر الضحايا، فليهتم بنفسه وبحالته المعبأة بالسواد والسلبية نتيجة رغبته في الانتقام!
أتصور أن هذه الحالة السلبية منتشرة بشكل كبير بين الأشخاص ما بعد الطلاق، وهذا الأمر يستدعي أن يكون هناك تدخل نفسي واجتماعي ومكاتب متخصصة في هذا المجال سواء داخل المحاكم أو خارجها، وأن تخضع الحالات التي تدخل باحات المحاكم ويكون فيها كثير من التجريح، ألا ينتهي الحال بالطلاق، بل للتأهيل إلى مرحلة ما بعد الانفصال وأن يكون التواصل بينهما فيما بعد مهذباً وراقيًا.