فيصل خالد الخديدي
يعد التدريب أحد الروافد المعينة لتطوير الفنان والارتقاء بأدواته وتنمية مهاراته في مجال أو أكثر، من خلال مدرب متمكن في فترة زمنية تناسب ما يُعطى من مهارات ومعارف, وتمكن المتدرب من إتقان ما قُدم له بشكل ينقل الخبرة ويتضح أثره على منجز الفنان ومخرجه, والحاجة للتدريب في الساحة التشكيلية السعودية ضرورة في ظل ضعف الدور الأكاديمي وقلة انتشاره في تطوير الممارسة التشكيلية , وغياب المعاهد الفنية التخصصية التي تقدم التدريب بشكل منهجي ومدروس وينتج منجزات متطورة, وهو ما فتح باب الاجتهاد من بعض التشكيليين لممارسة التدريب ونقل الخبرات فتباينت معطيات ونتائج هذه الممارسات التدريبية بين جيدة أحدثت أثر إيجابي وهي نادرة, والشريحة الثانية والتي قدمت تدريب جيد ولكن كان كل نتاجه نسخة من أعمال المدرب دون تطوير ولا حتى إتقان بكامل التقنية وتفاصيلها، وهو ما أنتج نسخاً مكررة لعمل الفنان المدرب دون أي قيمة إبداعية , وأخرى انحصرت أهدافها بين حب الظهور والتكسب المادي السريع دون أن تحدث أثراً تقدمياً واضح ولا إضافة للمتدربين ولا للساحة التشكيلية، فكانت استنزافاً لمقدرات المتدربين وتضليل لمفهوم الفن وأهدافه , وهي الأقل إيجابية والأكثر عبثاً وانتشاراً في الساحة المحلية باسم التدريب.
التدريب مَلكَة تُنمى بالتعلم والممارسة والاشتغال الذاتي على تطوير وتنمية قدرات المدرب، ليصنع محتوى فنياً قابلاً للنقل والتدريب بأسلوب مشوق واضح، ويصنع فرقاً عند المتدرب ويناسب طبيعة كل متدرب ويلبي احتياجاته التدريبية, وكم من فنان متمكن من أدواته ومن فنه ولكنه لا يحسن إيصال المعلومة ولا نقل المهارة ولا يمتلك أساليب التدريب.
إن معرفة الفئة المستهدفة من البرنامج التدريبي ومستوى إمكاناتهم وصناعة محتوى ذي هدف يمكن تحقيقه معهم , وإعداد حقيبة تدريبية بشكل علمي لذلك , وتمكُّن المدرب من أدواته بالإضافة إلى الجوانب المهارية والفنية والكاريزما التدريبية أساسيات لكل برنامج تدريبي يقدم , ولكنها تغفل وبشكل متباين في معظم الدورات التدريبية التي تقدم في الساحة التشكيلية المحلية، وهو ما يتطلب وجود جهة تنظيمية تمتلك المقومات لإجازة المدربين ومنحهم رخصاً تدريبية وتنظيم العملية التدريبية بشكل علمي, ولعل ذلك يتحقق في أولى خطواته مع معهد ثقف التابع لجمعية الثقافة والفنون والذي يعول عليه الكثير من التنظيم للتدريب في الفنون.