أبوظبي - «الجزيرة» - محمد المنيف:
برائحة التاريخ وعبق الماضي وروح الوطن تتمازج وتجتمع وتتحول إلى كتلة من الاعتزاز رسمها الزمن لوحة تمثلت في قصر الحصن الذي يتألق ويزداد حضوراً في كل الأزمنة حاملا ذكريات مضت وموثقا للأزمنة وأجيال قادمة ما يعنيه الحصن كشاهد على مواقف البطولات لرجال حفروا في الصخر وبنوا في الأرض وخاضوا غمار البحار ليصنعوا لأجيالهم وطنا موحدا اسمه الإمارات العربية المتحدة، شعار ومنطلق عطاء قاده صاحب السمو الشيخ زايد آل نهيان طيب الله ثراه جعل من كلمة (الاتحاد) لها معنى فحروفها السبعة جمعت سبع إمارات على الحب والإخاء وعالم من الالتحام الكبير فأصبحت جسدا واحدا وأسرة واحدة سعت بتكاتف صادق لبناء الإنسان والأرض معا تطبيقا استلهمت مفرداته من زايد الخير ومن جاء بعده رجل حكيم سبق زمنه بوضع أطر نهضة وطنه. فأصبحت به رمزاً للحضارة المعاصرة التي نبتت بإصرار وطموح رجال حكومتها ومساندة شعبها بين رمال شواطئها وكثبان صحرائها التي كانت تحف بها الواحات لتصبح اليوم الجاذبة لقلوب وعيون السياح في العالم.
حصن محصن برائحة الماضي وروح الحاضر
بعدما أكملت دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي أعمال الصيانة والترميم والتجديد في موقع قصر الحصن في أبوظبي أتم الإعلان عن انطلاقة فعالياته واستقبال المجتمع والسياح وضيوف الدولة لزيارته بدءا من اليوم الجمعة حيث أصبح قصر الحصن وجهة تاريخية وثقافية فريدة من نوعها.
ويمثل قصر الحصن الموقع الأول للمخطط الحضري في أبوظبي، ويتألف من أربعة مكوّنات مترابطة، هي: قصر الحصن، والمجلس الاستشاري الوطني والمجمع الثقافي وبيت الحرفيين، ويُعد الافتتاح الرسمي لهذه الوجهة الثقافية احتفاءً بتاريخ إمارة أبوظبي العريق وثقافتها الغنية، حيث يرافقه أسبوع حافل بالفعاليات والأنشطة الثقافية.
كما جاء في تصريح معالي محمد خليفة المبارك، رئيس «دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي»: الذي قال إن منطقة الحصن تعتبر بمثابة القلب النابض في أبوظبي، والشاهد الحي على محطات تاريخية هامة وحاسمة في مسيرة الدولة ككل مشيرا الى اعتزاز دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي بإعادة تقديم هذا الصرح الحضاري بعد أن تم الحفاظ عليه وترميمه وتجديده ليصبح وجهة ثقافية لا مثيل لها في قلب أبوظبي، ويعكس الرؤية الطموحة للدولة، والتي يعمل على ترسيخها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة -حفظه الله- من خلال تعزيز قيمة الإنسان في العملية التنموية الشاملة، بالاستناد إلى التاريخ والتراث والثقافة، وكلها تتجسد في منطقة الحصن، حيث نمت مدينة أبوظبي وازدهرت وتشكلت ذاكرتها المليئة بالأحداث والحكايات الاستثنائية، ومن هذه المنطقة أيضاً جاءت الرؤى المستقبلية الخلاقة لبلادنا».
من جانبه قال سعادة سيف سعيد غباش، وكيل «دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي»: «مع افتتاح منطقة الحصن، تضيف أبوظبي وجهة فريدة من نوعها إلى مجموعة الوجهات التي تضمها وتحقق بعدين هامين، الأول حفظ التاريخ والتراث الثقافي وتقديمه للأجيال القادمة، والثاني تطوير وجهة ثقافية جذابة تجمع التاريخ والتراث والمعاصرة في تجربة ستلهم الزوار القادمين إلى أبوظبي، فالحصن يعكس غنى وتنوّع المكونات التاريخيّة والثقافية الإماراتية الأصيلة. كما يعد افتتاح الحصن مرحلة جديدة من التخطيط الثقافي من خلال الأدوار الجديدة التي تم تطويرها للمعالم الرئيسة في منطقة الحصن، وذلك لتجسيد السمات الثقافية الفريدة التي تميز مجتمعنا وتدفع المواهب الإبداعية نحو المزيد من الإبداع».
مكونات قصر الحصن
يتضمن قصر الحصن معرض «الحصن الداخلي» والذي يسرد قصّة قصر الحصن والأحداث التاريخية التي شهدها،كما يصوّر مظاهر الحياة اليومية في المجتمع القديم ومستعرضاً دور هذا المعلم التاريخي كمقر للحكم ومركز لإدارة شؤون البلاد. أما «القصر الخارجي» الذي يعود تاريخ بنائه إلى أربعينيات القرن الماضي بتوجيهات من الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، فهو يضم مجموعة من الأجنحة والغرف التي تسرّد قصة الأجيال السابقة التي عاشت في القصر وترصد تفاصيل حياتهم اليومية. وسيكون الزوّار على موعد مع فرصة ذهبية لاستكشاف الأجنحة الخاصة بالشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، كما سيخوضون تجربة المشاركة في مجلس الحاكم. ويتخلل المعرض مجموعة من العروض الفيلمية والعروض التفاعلية والمحتويات التاريخية الصوتية والبصرية التي تجسّد مشهداً متكاملاً للحياة والأحداث داخل هذا المعلم التراثي العريق، بالإضافة إلى مجموعة من المقتنيات الأصلية والقطع الأثرية المتوارثة من الأجيال السابقة.
المجمّع الثقافي
يستضيف المجمّع الثقافي الذي شهد سلسلة من أعمال التجديد والترميم مؤخراً، برنامجاً متنوعاً في مركزه الجديد المخصص للفنون البصرية، ويشمل ذلك المعرض الافتتاحي المتميّز الذي يركز على تاريخ المجمّع الثقافي ودوره في دعم المشهد الثقافي والفني. وبافتتاحه مرة أخرى يستقبل المجمع الثقافي الجمهور في مركز الفنون البصرية الذي يضم بجانب قاعات العرض سلسلة من ورش العمل واستوديوهات فنية. وسيضم المجمّع الثقافي أيضاً مسرحاً يتسع لـ 900 مشاهد وأول مكتبة مخصصة للأطفال من نوعها، ومن المقرر افتتاحهما عام 2019 .
يقام حالياً في قاعة الفنون البصرية معرض تشكيلي مميز تحت عنوان «الفنانون والمجمّع الثقافي: البدايات»، يضم أكثر من 100 عمل فني لمجموعة من الفنانين المحليين الذين شهدوا البدايات الأولى للمجمّع الثقافي خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات. المعرض من تنسيق مايا أليسون، رئيس القيّمين الفنيين في جامعة نيويورك أبوظبي والمدير التنفيذي لرواق الفن؛ و علياء زعل لوتاه، مساعد تقييم أول، اللوفر أبوظبي، ويرصد محطات من تاريخ المجمّع الثقافي مسلّطاً بذلك الضوء على دوره الريادي كوجهة حاضنة للفن ومنارة للإبداع.
بيت الحرفيين
يضطلع بيت الحرفيين، انطلاقاً من موقعه المجاور لقصر الحصن والمجمّع الثقافي في منطقة الحصن، بدور ريادي في حماية وصون التراث الإماراتي المعنوي العريق، والترويج له. وتحقيقاً لهذا الهدف يقدم بيت الحرفيين برنامجاً شاملاً تتخلله مجموعة من المعارض وورش العمل والبرامج التدريبية التي تركز جميعها على الحرف الإماراتية اليدوية مثل السدو (النسيج البدوي) والخوص (تجديل سعف النخل) والتلي (تطريز)، بما يضمن نقل المعارف والمهارات المتعلقة بها للأجيال القادمة.