خالد بن عبدالكريم الجاسر
الاستثمار الأجنبي غاية ومطلب كل دولة، نظرًا لفوائده الاقتصادية والتنموية الشاملة التي تًصحبها، حالما وَجدت منبتها الصحي للتفاعل ونُظم تلك الدولة التي يتسم اقتصادنا السعودي به انفتاحاً ومرونةً منذ انطلاق رؤية 2030، كثاني دولة في الوطن العربي تمتلك قوة شرائية قوية تفوق 30 مليون نسمة، مما يجعلها سوقاً استهلاكية ضخمة تستوعب مزيداً من الاستثمارات بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده لتسهيل الإجراءات الإدارية وتقليل أي قيود تواجه المستثمر الأجنبي في السوق العقاري.
لقد سخرت المملكة كل طاقاتها لرسم غطاء قانوني للحماية وتذليل العقبات لسهولة منح التصاريح ووضع ضمانات بدأت بإصدار نظام المستثمر الأجنبي في محرم عام 1421هـ وكانت بوابة للحصول على تراخيص من خلال الهيئة العامة للاستثمار، في لائحة عام 1398هـ ، ولعل قرار مجلس الوزراء هذا العام يرفع من مستوى خدمات الوساطة العقارية عبر تعزيز المنافسة بين الوسطاء العقاريين، والتي قدرتها بعض المصادر بنحو 30 ألف مكتب وسيط عقاري، أي مكتب وساطة عقارية واحد لكل 700 نسمة من سكان المملكة (مواطنين ومقيمين)، فقبل صدور القرار كان عمل الأجنبي محظورًا وحصرًا على السعوديين في السمسرة العقارية، فجاء مُيسراً لها بالعمل، لكونها تحتاج إلى عمالة تعمل تحت مسؤوليتها وعلى شركة محددة مُصنفة ضمن الاستثمار الأجنبي، وفقًا للمادة (2) من نظام تملك غير السعوديين للعقار واستثماره، طالما إقامته نظامية، وحصل على ترخيص أو موافقة من وزارة الداخلية، على أن يكون تملك العقار كسكن خاص في مدن المملكة، عدا مدينتي مكة والمدينة، إلا في حالات محددة جدًا وردت في المادة (5) من النظام المذكور.
أجل، إننا بحاجة إلى المستثمر الأجنبي العالمي خصوصا في مجال التقنيات الحديثة؛ والذي سيضخ بلايين من الدولارات ويُوظف أبناءنا، ولاسيما أن المملكة على مشارف إقامة العديد من المشاريع العالمية العملاقة(mega project)كالقدية ومدينة نيوم ووعد الشمال وغيرها، مما تحتاج إلى التعامل مع المستثمرين بآلية شراكة تسمح لهم بممارسة أنشطة أخرى مثل نشاط التقييم العقاري والتسويق العقاري وإدارة الأملاك وإدارة المرافق والتطوير العقاري، والتي يحتاج بعض منها الحصول على تراخيص مهنية.
لقد أبهرت المملكة العالم بما حققته خلال السنوات القليلة الماضية في مجال تعزيز البيئة الاستثمارية، وحزم الإنجازات الفعلية التي تمت في هذا المضمار ويجب ألا ننسى أنه في الفترة حتى 2015 كانت أسعار العقارات في زيادة مبالغة فيها ولا ننكر دور الحكومة في عام 2017والذي أحدث توازناً في السوق بمساعدة البرامج والسياسات التي تدعمها وتنتهجها الدولة والاتجاه نحو الاعتماد على القطاعات غير البترولية، وما مبادرة «المعاملة الوطنية»منا ببعيد والتي يتساوى فيها المستثمر الأجنبي بنظيره السعودي في نفس الميزات، إضافة إلى تسهيلات الضريبة الموفرة للمستثمرين. عدا ضريبة واحدة على صافي الأرباح
وتبلغ20 %سنوياً، وفي حال تكبدت الشركة أية خسائر، فيتم إعفاؤها، كذلك العقارات التي يتم بيعها للأقارب من الدرجة الرابعة على الأكثر. لهذا فإنه من المتوقع أن يتفاوت العائد التأجيري ما بين 6-8 %.، وتخفيض كلفة السجل التجاري من 2000$ إلى150$ حالياً كل ذلك جعل من تصنيف مؤشر المملكة لحماية المستثمرين من المرتبة 50الى 24 عالمياً. ووفق تقرير البنك الدولي، وصلت نسبة تملك المستثمرين المقيمين والأجانب للمشاريع إلى 100% لتقفز المملكة في التصنيف الجديد إلى المركز 23 من بين 178 دولة، فيما كانت تحتل المركز 38 في تصنيف عام 2007 والمركز 67 من بين 135 دولة خلال تصنيف عام 2005.
وقفة: لابد من تضافر الجهود لإنتاج 500 ألف وحدة سنوياً لتنشيط السوق السعودية وإعادة إحيائها وأنصح جميع المطورين العقاريين للاتجاه إلى ذلك السوق الواعد، ولا ننسى أن للهيئة العامة للاستثمار جهدا كبيرا في قياس حجم الاستثمار الأجنبي المباشر الذي يتم جذبه إلى المملكة وفقاً لدراسات علمية ودقيقة واتخاذ الخطوات اللازمة لتشجيع استقطاب المزيد منها وصولاً بالمملكة إلى مصافي أفضل 10 دول من حيث بيئة الاستثمار.