علي الصحن
...وهذا مثل عربي شهير وتمامه (خُذوهم بالصوت لا يغلبونكم) وهو في الغالب يعني أن على المتحدث أن يرفع صوته أثناء الحوار أوالنقاش لكي يغطي على ضعف حجته وعدم القدرة على الإقناع بما في جعبته، فينصرف إلى الصراخ وربما التشعب بالموضوع والخروج به عن مشربه إلى مشارب أخرى، حتى لا يجد الطرف الآخر قدرة على الرد، فيوهم الأول الناس أو يوهم نفسه أنه قد أتى بالحجة وكسب القضية، وفي الغالب يكون ذلك على حساب أشخاص مسالمين متعلمين لا يجدون مثل هذا الفن ولا تسمح لهم أخلاقهم بتطبيقه في حواراتهم ولو أدى ذلك إلى تصور المتابعين أن خسروا السباق!!
لا تغيب هذه الظاهرة في الشأن الرياضي، وتبدو بوضوح في كثير من النقاشات والحوارات التي تُتَداول يومياً في معظم البرامج الرياضية، كما أنها موجودة في وسائل التواصل الاجتماعي، بعض ما يكتبه منتسبون للوسط الرياضي في يومياتهم ينطبق عليه هذا المثل، بحيث يكون من السوء ما يجعل الآخرين من المعنيين بالأمر يصدون عن الرد عليه، تاركين الأمر برمته لآخرين بمعرفات مختلفة، لتبدأ جدليات طويلة وتفتح ملفات قديمة... ولا فائدة في نهاية الأمر!!
خذوهم بالصوت تأتي أحياناً بشكل جماعي، في قضية ما من قضايا الوسط الرياضي، يهب بعض المنتمين لناد معين مثلاً للحديث عن القضية، وحق ناديهم فيها، يبدو الصوت موحداً وموجهاً والفكرة نفسها، حتى الحل يُكتب بسيناريو واحد، وهم هنا لا ينظرون إلى النظام، ولا يسألون عن اللوائح، ولا يبحثون عن الخفايا أو المستجدات، في هذه الحالة يكون الهدف هو الضغط على صاحب القرار، وادعاء المظلومية للتشويش عليه، مع أن الأمر لا يحتاج لذلك كله ففي النهاية (1+1=2) وكل صراخ ومطالب لن يغير شيئاً في القواعد الثابتة!!
خذوهم بالصوت تأتي أحياناً لتكشف عدم الإلمام باللوائح والأنظمة، أوالجهل بالتاريخ الرياضي، فيذهب المتحدث إلى رفع صوته، والإطالة في الحديث مشرقاً فيه ومغرباً، وربما تعمد وضع كلمات أوعبارات مسيئة، يشغل بها أطراف الحوار، ليهرب من أصل الموضوع، ويقدم نفسه كبطل أمام مريديه والمتعاطفين معه!!
المشكلة في بعض الأحيان أن الطرف الآخر قد لا يكون حصيفاً فيدرك ما يريد الأول، ويرتك اسلوبه وطريقته له، فيتحول الحديث إلى هرج ومرج، ونفاش عقيم، وسط فُرجة المذيع الذي لا يجد مفراً من الهروب إلى فاصل يصلح فيه تحت الهواء بعض الشيء ويلملم الأمور بشكل قد لا يستطيعه تحت أنظار الناس!!
من يثق في نفسه لن ينجرف إلى هذا الأسلوب في الحوار، وسيترفع عنه، ويترك أعماله تتحدث عنه، كثيرون في وسطنا الرياضي يرفضون الدخول في مهاترات إعلامية لا قيمة لها، هناك من رحل وهناك متواجدون، وضعوا بصمات لا تنسى، ورسموا نجاحات باهرة بلا ضجيج ولا جعجعة ولا إسفاف وخروج عن النص بعبارات وتصرفات ربما نالت تصفيق بعض الناس فقط ولبعض الوقت فقط، وفي النهاية يذهب الزبد ويبقى ما ينفع ويفيد.