شريفة الشملان
قد يقف المراقب عاجزا عن فهم التغير الاجتماعي الذي حصل بسرعة مذهلة في مجتمعنا منذ ليلة القضاء على الفساد حدث لنا شيء غريب، قد لا يستطيع بعضنا تفسير كنهه، خاصة علماء التطور الاجتماعي.
توالت علينا الأحداث مما قلبت الصورة النمطية التي تعودنها، كما أنه نسف تلك النظريات التي أما درسناها عن التغير الاجتماعي وأما بحثنا عنها..
نظريات أساتذتنا أو تلك التي جاءنا بها العلم من علماء كبار.. أولهم (كنت ومنتسكيو)، ولا ننسى رائد علم الاجتماع العربي (بن خلدون).
التغير الاجتماعي هو ما يمكن أن يحدث في المجتمع ببطء مرة ومرة بشيء بسيط من السرعة متأثرا بعدة عوامل منها:
السفر والتغير الثقافي والاطلاع على العلم ما يتصل به. كذا التأثر بالمجتمع الذي يسافر له خاصة الشباب والبعثات للخارج والذي قد يعود فيجد المجتمع كما هو يرفل في وضع يجعل بينه وبين الحضارات بون شاسع، نعم قد نملك الجامعات والمدارس ومؤسسات ثقافية كبيرة، لكن بالوقت ذاته قد نجد تسلط فئة على مفاصل هذه المؤسسات.
المستجدات في العلوم والمخترعات، وخاصة ثورة الاتصالات التي جعلت من العالم كما يقال قرية صغيرة.
اكتساب النساء شيء من حقوقهن، كحق العلم والتعلم والعمل، ولعل جيل الخمسينيات والستينيات هو من عاصر هذا التغير التي أحدثت هزة قوية في المجتمع.
كان لابد من التغير الفكري هو أول خطوات التغير الاجتماعي، وهو الذي يجعل جمهور الشعب يتقبل التغير، وهذا التغير الذي قد يكون كما قلت على مراحل وبهدوء كما درسنا ويأخذ وقتا عادة لكي يحدث لذا أحيانا يكون في مناطق المدن أسرع منه في المناطق البعيدة أو الريفية والصحراوية. في وضعنا كان العكس، مثلا كانت النساء في الريف والبادية أكثر تحررا منها في المدن أكثر. فكن يقدن السيارات ويسقن الحيوانات للمراعي وموارد الماء ويبعن ويشترين ببضاعتهن الزراعية التي شاركن بزراعتها وإنتاجها، كذا ما تنتجه حيواناتهن، ربما يذهل الكثيرون من ذلك، ومرده فقط لم يكن هناك سلطة تمنعهن من ذلك وربما لو وجدت لما طعنها، بالنسبة لهن التغير الذي أحدث ما يشبه الطفرة هنا عندهن كان فقط الحصول مثلا على رخصة قيادة فقط لدخول المدن بها..
التغير ورد لنا فجأة ولقد خشي بعضنا أن يكون هناك ما يشبه فقد التوازن.. وهذا قد لا ننكره في بعض المناطق لكنه حصل أيضا بصورة إيجابية في مناطق أخرى خاصة تلك التي لها احتكاك مباشر مع دول الجوار وتعود المواطن فيها على كل العلاقات الإنسانية الطبيعية.. وربما المنطقة الشرقية حيث الاحتكاك المباشر مع دول الخليج وأيضا وجود أرامكو منذ أعوام طويلة وتحديدا منذ عام 1933م. وحقا لم تكن مدن الشرقية إلا مدن عادية نساء يبعن ويشترين وكانت المطارات كما الآن الموظفات نساء بغطاء وجه وبلاه. لذا عندما جاء التغير جاء بصورة شبه عادية..
إن كان التغير قد أحدث قفزة كبيرة في مجال توظيف السيدات فهو كذلك بالنسبة للرجال، خاصة بعد تقليص العمالة الأجنبية، ولعلي أشيد بشبابنا من قبل ومن بعد، فهم لم يكنوا أبدا ذئاب إلا لمن تجعل من نفسها شاة.
الفتيات الآن في كل مكان والشباب أيضا ولكنهم شباب على قدر المسئولية والاحترام غاب الكثير من مظاهر غير لائقة لا بالشباب ولا بفتياتنا. نعم هناك بعض المظاهر التي تبدو كاختلال بالتوازن، وهذا شيء طبيعي لبعض الوقت ومن ثم سيكون الوضع أكثر تفهما ومعرفة.. فنحن كمن كان في قطار هادئ بطيء الحركة ومن ثم سار بسرعة كبيرة.. يحدث ضجة في البداية ومن ثم يستقر..
وأخيراً أشيد بالخدمة المدنية التي رفعت نسبة مشاركة المرأة في الوظائف العليا من 1% إلى 5% بما يعني مشاركتها في اتخاذ القرار ولعلنا نتطلع لما هو أكثر فدخول المرأة سوق العمل من جهة وتراكم الخبرات من جهة أخرى يجعلها مساندة للرجل في ذلك وليست منافسة ويبقى الأجدر هو الأصلح.