عبدالعزيز السماري
من أجل فهم أكثر للمتغيرات الاجتماعية والسياسية فلا بد من تأمل الموقف الاجتماعي والسياسي من المرأة. والجدير بالذكر أن ظلم المرأة أو احتقارها لم يكن خصوصية عربية؛ فما فعله بعض الرجال في مختلف الحضارات ضد المرأة لا يمكن نسيانه؛ فقد زعموا دائمًا أنهم يحبونها أو يحبونهن، بالرغم من وقوع الظلم. فعلى سبيل المثال في الأيام السيئة في الهند يتم حرق أرامل الرجال الهندوس حتى الموت على محارق جنازة أزواجهن..
في زمن الأصولية المسيحية يجبر الحاخامات الأرثوذكس المتطرفون النساء على عبور الشارع أو الانتقال إلى الجزء الخلفي من الحافلة (نعم، حقًّا) حتى يتمكن الرجال من تجنب الاتصال بهن. وهذا ليس لأن الرجال يكرهون النساء، ولكن يعتبرونهن مخلوقًا مستضعفًا، أو عورة، يجب إبعادها عن طريق الرجال. وبالمثل طالب بعض رجال الدين المسلمين بعدم السماح للنساء بالخروج دون قريب ذكر، على الرغم من أنها مغطاة من الرأس إلى أخمص القدمين. كما كان بعض الرجال في بعض المجالس التشريعية في الولايات المتحدة قبل ثورة الحقوق يعتقدون أن النساء يحملن جرثومة في الرحم؛ وهو ما يستوجب عدم الاتصال بهن..
خلال هذه الحقب التاريخية حدثت تحولات اجتماعية ذكورية، مهمتها الانتصار لحقوق النساء، ولحق مشاركتهن في الحياة الاجتماعية. لكن العامل المشترك أن من حقق لهن بعض جوانب الحرية كانوا مجموعة من الذكور. وقد تبعها صعود متوقع للشوفونية الذكورية، وعادة تكون موجهة ضد الذكور الذين وقفوا مسبقًا مع ظلم المرأة، لكنها في حقيقة الأمر ليست نزعة أخلاقية بقدر ما كانت لعبة سياسية، لها أهدافها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
كانت الشوفونية في سياقها التاريخي مفهومة بشكل شائع في سياق الشوفونية الذكورية، التي يعتقد معظم الناس أنها تدور حول فتح الأبواب المفتوحة في بعض المسائل. ويصف قاموس أكسفورد الإنجليزي الشوفوني بأنه وطني مبالغ فيه، أو عدواني للآخر. والتعريف الثانوي هو «الدعم المفرط أو المتحامل لقضيته أو مجموعته أو جنسه». وقد واكب بروزها وتسلطها قيام بعض الذكور بحماية النساء، ومنحهن بعضًا من حرياتهن عبر ضرب بعض الفئات المتهمة بظلم النساء.
لكن ما يلي هذه الحقبة بروز متدرج وأكثر للشوفونية الأنثوية، أو للحراك الأنثوي لتسلم شارة قيادة حقوق المرأة من الرجال، وتخفي في معظم أنشطتها محاولة النساء للفوز بالسلطة على الرجال، كما يحدث الآن في الغرب؛ وهو ما يعني وصول الرجال والنساء إلى حالة التنافس؛ وهو ما يعني نهاية الشوفونية بكل جوانبها السلبية؛ وبالتالي الوصول إلى حالة من التوازن الجنسي إن صح التعبير، التي تختفي من خلالها مفردات العنف والإقصاء والتطرف والعدوانية.