نوف بنت عبدالله الحسين
لماذا افتقدنا المنصتين؟! كيف قلَّ عددهم؟! وما الذي أشغلنا عن الإنصات؟!
أسئلة كثيرة، والإجابات تكاد تكون واضحة، والحلول موجودة.. يظل السؤال الأهم: لماذا لم نعد منصتين؟؟
كثير منا يجيد الكلام.. لكن القلة من يمتلك مهارة الإنصات.. لذا نحتاج في بعض الأحيان إلى شخص يحسن فن الإنصات.. دون أن يقفز للإجابات.. أو يبتر الجُمل فيجعلها جملاً مبهمة دون معنى.. يضيِّع على المتحدث فرصته في لحظة تجلٍّ، فإذا بجملته تتلاشى دون سابق إنذار.. يتوقف الكلام.. ولا فائدة حينها من تكملته..
ما أجمل أن ينصت أحدهم بحواسه.. أن يقدر حديثك.. ويعطيك المساحة للتحدث، ويدعم حديثك بإيماءة أو ربت على الكتف..
المنصتون مشجعون ومحفزون للآخرين.. داعمون، ويتفهمون، ولا يستعجلون الاستنتاجات من الحوار.. يعطون الفرص للآخر بأن يقول كل ما يريد.. دون أن يتذمروا أو يتجاهلوا حديثهم..
مرهق حقًّا أن لا تجد لكلامك تتمة بسبب المقاطعة أو التجاهل.. مزعج جدًّا أن يُستصغَر حديثك، وتُحجَّم أفكارك بسبب مشكلة الإنصات من الآخر.. فبالتالي تكمن أهمية الإنصات في مراعاة الآخر من كل جانب..
الإنصات هو سلوك راقٍ.. يتسم بالحكمة والاحترام والاهتمام.. هو تأكيد لاكتمال دائرة الحوار بين المتحدث والمتلقي؛ لتنطق العين واليد والوجه بلغة أخرى أكثر تفاعلاً وجمالاً.. فيتاح للمتحدث أن يعرض فكرته كاملة، ويتحدث عن مواقفه بشمولية وأريحية.. ويصبح للحوار قيمة ومعنى..
فحين يتحدث الآخر دعه يكمل حديثه.. ولا تكن دائمًا سيد الحوار؛ ففي بعض الإنصات رسائل أبلغ من أن تقول.. وأعمق من أن تسمع... وأجمل من أن تذكر..
هنيئًا للمنصتين هذه السمة.. فلننصت بتفاعل وتقدير.. ولنمارس الإنصات على أصوله.. ولنكن منصتين بكل رقي.