فهد بن جليد
أربع (لاءات) استخدمها المُسن (ابن كرمان) في المقطع الشهير المُتداول على طريقته الخاصة (لا علمني، لا تخليني اقعد امشي، لأني مقيَّدٍ ولأني مَفْكُوك), صعدت به خلال 11 ثانية ليصبح من نجوم السوشيل ميديا, وضيفاً في كبريات القنوات الفضائية, هل هي عفوية هذا الرجل (السبعيني)؟ أم أسلوب حديثة وطريقة كلامه هي التي جلبت له كل هذه المُشاهدات والشهرة؟ أم أنَّ صراحته في ضرورة الحصول على وعد (واضح) من الشخص الآخر على طرف الهاتف, لامست واقعاً ومُعاناة يومية مريرة يعيشها الناس مع كثرة (مواعيد عرقوب) التي لا يتم الإيفاء أو الالتزام بها في حياة عصرية مليئة بالأحداث والوعود (المضروبة), وربما نكران قطعها في الأصل لأنَّها قيلت في (عرض الكلام) وتداخل الحديث, فيما يُعرف بالنوع (التسليكي) بين المتحاورين؟ في ظني أنَّ (المضمون) كان هو الأهم في تداول المقطع بشكل واسع, رغم شخصية صاحبه الفُكاهية والطيبة.
قاعدة (ابن كرمان) في ضبط المواعيد وتأكيد الالتزام بها بكل وضوح وصراحة, يستخدمها اليوم نخبة المُجتمع من (المُثقفين) و(الأكاديميين) فيما بينهم, بطريقة ساخرة كنوع من الفُكاهة والتندر, ولكنَّها في الحقيقة (مقصودة) لرفع الحرج والكلفة و(البريستيج) بين أفراد كل هذه الطبقات الاجتماعية وغيرهم, ولتأكيد على ضرورة الالتزام بقطع الوعد والإيفاء به, فهي الأسلوب الأنجع الذي لن يُغضب أحداً, وستحصل معه على إجابة صادقة بتأكيد الإيفاء أو النفي مع ابتسامة بتذكر ملامح (صاحب القاعدة) وحديثه العفوي.
هذا المقطع لن يموت سريعاً أو يختفي كغيرة من (فقاعات) السوشيل ميديا, وسيتداوله الناس أطول مُدَّة مُمكنة, فعلى قدر ما أضحكنا بأسلوبه الفُكاهي والعفوي, على قدر ما كشف لنا حقيقة وجود أزمة (صراحة وثقة) في أحاديث الناس البينية ومُجاملاتهم اليومية, نحتاج مواجهتها بمثل قاعدة (لا علمني) الشهيرة!.
وعلى دروب الخير نلتقي.