إبراهيم عبدالله العمار
قام عالم نفس إدراكي في 2003م اسمه كريستوف فان نيمويغن بدراسة التعلّم بواسطة الحاسب، فقسّم الناس إلى فرقتين عليهم أن يحلوا لغزاً منطقياً معقداً على الحاسب، إحدى الفرقتين استخدمت برنامج حاسب صُمِّم ليساعد المستخدم قدر الاستطاعة كأن يعطي نصائح صغيرة، والفرقة الأخرى استخدمت برنامجاً عادياً لا يساعد، في أولى مراحل حل اللغز فالفريق الذي استخدم البرنامج المساعد صنع الخطوات الصحيحة بشكل أسرع من الفريق الآخر، شيء متوقّع.
لكن مع الوقت كلما تقدَّم الاختبار زادت كفاءة الفريق الآخر (الذي يستخدم البرنامج غير المساعد)، وفي النهاية فالذين استخدموا البرنامج غير المساعد صاروا أكثر قدرةً على حل اللغز وبأخطاء أقل. تشير هذه الاكتشافات إلى أن الذين استخدموا البرنامج غير المساعد صاروا أقدر على التخطيط والتفكير في إستراتيجيات، بينما الفريق الآخر اعتمدوا على التجربة والخطأ فقط، أصحاب البرنامج المساعد وُجد أنهم يَضغطون بلا هدف أثناء الحل.
بعد 8 أشهر من هذه الدراسة جمع كريستوف الناس الذين شاركوا في الدراسة واختبرهم من جديد على ألغاز عقلية، ووجد أن الذين استخدموا البرنامج غير المساعد حلوا الألغاز بشكل أسرع من الفريق الآخر بمقدار الضعف!
هذه النتيجة تثير نقطة مهمة، فكلما زاد اعتماد الناس على البرامج المساعدة صاروا أقل انهماكاً في المهمة وتعلموا أقل. تشير الاكتشافات هذه كما يقول نيمويغن إلى أنه إذا استعان المرء لحل المشاكل ومهام ذهنية أخرى بالحواسيب وعوامل أخرى خارج العقل فإننا نقلِّل من قدرة الدماغ على بناء هياكل معرفة مستقرة (تُسمى schemas)، والتي يمكن لاحقاً تطبيقها في مواقف جديدة. وهذه تنطبق على كل شيء تعتمد فيه على أدوات حتى لو كان عقلك يقدر عليها، مثل الاستعانة بالحاسبة وتطبيق الخرائط.