د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
السعودية شاركت في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس في قمة 30/ 11/ 2018، وهي قمة تتحرك بعلاقات سياسية أكثر من تحركات ثنائية، يمثلها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وأثبتت السعودية أن الحملة التي طالتها بعد مقتل خاشقجي لم تفلح.. إذ لم تفلح في منع مشاركة سمو ولي العهد في حضور المجموعة، بل التقى ولي العهد زعماء دول عديدة ودول كبرى، على رأسهم ترامب والرئيس الصيني وبوتين ورئيس وزراء الهند وبريطانيا وفرنسا والمكسيك وجنوب إفريقيا. والتقى مع عدد كبير من زعماء الدول على هامش القمة. فيما يجر خصوم السعودية ذيل الندم والخيبة، وقد تغلبت مكانة السعودية عليهم، ولم تكترث بهم، بل أتى حضور ولي العهد في قمة العشرين بأن خيب كل التقديرات التي توقعت أن ولي العهد لن يحضر هذه القمة.
المفارقة أن السعودية احتلت مركز تركيا في هذه القمة، أي أنها تقدمت مقعدًا، وأصبحت تركيا خلف السعودية، وهو ما يؤكد أن خطط السعودية والإصلاحات التي تبناها سمو ولي العهد قد حققت نجاحًا باهرًا، فيما خسرت مراهنات أردوغان الإمبراطورية التي تم إفشالها على يد السعودية رغم أن إحصاءات البنك الدولي تضع تركيا بناتج محلي 0.85 مليار دولار والسعودية 0.68 مليار دولار. وأيًّا كان فإن محركات الاقتصاد السعودية هائلة وكبيرة، وستحقق تفوقًا كبيرًا في السنوات القادمة.
وإضافة إلى احتلال السعودية مقعد تركيا فإن القمة وافقت على عقد القمة المقبلة في الرياض؛ وهو ما زاد من غضب خصومها الذين كانوا وراء الضخ الإعلامي ضدها مستثمرة خطأ ارتُكب على يد أفراد من الاستخبارات في قتل خاشقجي، وحاولت فك الشراكة بين السعودية وأمريكا لوقف التمدد الإيراني، وتفكيك المحور الإخواني في المنطقة الذي نجحت فيه السعودية مع شركائها، وعلى رأسهم دولة مصر.
لذلك يلعب هذا المحور على وتر أوهام أن هناك تقاربًا سعوديًّا إسرائيليًّا، فيما السعودية سمت القمة العربية التي عُقدت في المنطقة الشرقية بقمة القدس، وأعلنت السعودية في مجلس الوزراء على لسان الملك سلمان أن فلسطين القضية الأولى بالنسبة للسعودية.
تحتل السعودية المرتبة الثانية في المجموعة من حيث نسبة الدين إلى الناتج المحلي؛ إذ يبلغ 17.1 في المائة، فيما يبلغ متوسط مجموعة العشرين 71 في المائة. وتمتلك السعودية ثالث احتياطي عالمي بعد الصين واليابان؛ إذ يبلغ احتياطيها نحو 507.2 مليار دولار، تشكل 6.4 في المائة من إجمالي احتياطي المجموعة البالغ 7.9 تريليون دولار.
وتشارك السعودية في تعزيز الاقتصاد العالمي وتطويره، علاوة على إصلاح المؤسسات المالية الدولية، وتحسين النظام المالي. كما تركز على دعم النمو الاقتصادي العالمي، وتطوير آليات فرص العمل، وتفعيل مبادرات التجارة المنفتحة.
التقى قادة مجموعة العشرين التي تمثل نحو 90 في المائة من الناتج العالمي، ونحو 80 في المائة من التجارة العالمية، أول مرة في عام 2008 في واشنطن لتشكيل جبهة موحدة لمواجهة الأزمة المالية العالمية في حينه. وبعد عقد من الزمن تلاشت هذه الوحدة إثر إعلان ترامب أمريكا أولاً الذي قوض الإجماع الذي تستند إليه التجارة العالمية. كما أن دولاً أخرى في مجموعة العشرين، ومن بينها البرازيل وإيطاليا والمكسيك، اتجهت إلى قادة شعبويين.
تشارك السعودية منذ دورتها الأولى تأكيدًا لمكانتها في المحفل الاقتصادي الدولي، وثقلها المؤثر على الاقتصاد العالمي، ولمواقفها المعتدلة وقراراتها الاقتصادية التي تبنتها خلال سنوات التنمية الشاملة، إضافة إلى النمو المتوازن للنظام المصرفي السعودي.