عبد الرحمن بن محمد السدحان
* اُستُدرجْتُ مرةً للأدلاء برأي.. حول ظاهرة اجتماعية.. يتكرّر إيقاعُها في البنية الأسرية، فينالها شيءً من التصدّع.. وقد يؤُول بها الحال إلى البوار.. تلك ظاهرةُ (غياب التفاهم) بين طرفيْ المعادلة في الكيان الأسري: الزوج والزوجة!
***
* وقد تطوّعتُ بكتابةِ رأي حول الموضوع اختزله في التالي:
* بَديهةً، يبدُو وكأنّ هذا السؤالَ يَطْرح الرَدَّ عليه.. ضِمْنًا، مُختَزلاً في كلمة واحدة:(مستحيل)، مَثَلُه في ذلك مَثَلُ بعض الأسئلة التي يطرحُها صاحبُها.. وفي خاطره ردُّ تم تحديدُه سلفًا!
***
* لكن السؤال المطروحَ هنا قد يحملُ أكثرَ من مضمون، ويحتملُ أكثرَ من ردّ، فالحياة الزوجية التي لا يُغلّفُها تفاهمٌ مشتركٌ يباركه الحبَّ ويصبُّ في إيجابّية الحفاظ على العشّ الزوجي، تشكِّل هدْرًا للعواطف.. وإيذاء للوجدان.. وتعطيلاً للعشرة!
***
* هذا من حيث المبدأ، لكن، هناك مواقفُ زوجيّةٌ معيّنةٌ.. تغيبُ عنها مثاليّةُ التفاهمُ الإيجابيُ.. ويَبْقَى بعد ذلك صراطُ (المصلحة) التي قد تربط أحدَهما بالآخر، كيف؟
أ) الذريّة في حدّ ذاتها (مصْلحةٌ) مشتركة لطرفيْ المعادلة الزوجية: تربيةً ورعايةً وحفظًا، وهي في بعض الحالات كفيلةٌ بإبْقَاء الرباط الزَّوجي رغم غياب التفاهم حول أمُور أخرى، أمَّا إذا كان التفاهم متعذِّرًا حول كيفيّة تربية وتنمية الذّرية، فإنّ ذلك قد يُؤْذِنُ بشقاقٍ بين الزوجين، لا وئامٌ فيه ولا إصْلاح!
***
صحيحٌ انّ مثل هذا الزواج القائم على رعاية مصلحة الذرية دون أيّ اعتبارات أخرى يجعلُ الحياة الزوجيّة أشْبهَ ما تكون بـ (عقد عمل) صارم لا (علاقة انصهار وجداني) في (عش الزوجية)، إلاّ أنّ استمرارَه يبقى ضرورةً.. كيْلاَ تَتَعّرضَ حياةُ الأطفال للبَوار، والانفصال وهو ثمنٌ باهظٌ في أغلب الحالات!
***
ب) وقد يقومُ الزواجُ على مصلحةٍ من طرفٍ واحدٍ، كيف؟:
1) أن ترى الزوجة في قرينها البديلَ الذي لا بديلَ له، سوى الضياع في تيار الأهل.. وجحيم الألسن التي لا ترحم، فيما لو غادرتْ عشِّ الزوجية، مُطلّقةً إلى (بيت طاعة) الأهل!
***
2) أن تكون (مقطوعةً من شجرة) فلا رافدَ لها ولا عائلَ «بعد الله» سوى الزوج فتَقبلَ البَقاءَ معه مكرهةَ الإرادة لا (بطلة)!
***
3) أو أن يُضْطَرَّ الزوجُ إلى الحفاظ على عشَّ الزوجية ذرًا للرّماد في عين شامتٍ أو حاقدٍ أو ناقدٍ من أهله أو أهلها، وسدًا لذريعة الشقاق العائلي، خاصة إذا كانت للزوجة جذورٌ عائليةٌ تربطُها بعائلة الزوج، أو كان هو ذا صلة قُربْى بأحدِ والديْها، هنا، يُفَضَّلُ الزوجُ (برودَ) (الحياة الزوجية بلا تفاهم) على جحيم الشقاق ومنظومة الـ (قيل والقال) لو اختار الانفصالَ عنها!
***
أخيرًا: الزواج بدون تفاهم كالطعام بلاَ ملح.. لكن، الخيارَ بين هذا الصنف من الطعام.. وطعام آخر.. أوّلهُ هجرٌ معنويُّ وآخره موتٌ للعواطف أمرٌ لا يحتاجُ في معظم الأحوال جَدَلاً ولا دليلاً!!