يوسف المحيميد
ليس أسوأ من أن تحتقر منافسك، وتسخر منه، وتتحدث عنه بنبرة استعلائية، في أي مجال من مجالات الحياة، وتظن أنه أقل من أن تفكر فيه، فضلاً عن أن تتأمل ماذا يفعل، وماذا ينجز؟ هذا الوصف ينطبق على مستوى الأفراد أو الشعوب أو الدول، وقد عانت دول عربية، سميت دول الأطراف، من النظر باستعلاء من قبل دول المركز، تلك الدول التي أطلقت على نفسها دول المراكز الثقافية والحضارية، حين كانت كذلك في مرحلة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.
ومن أغرب المقاطع، وأكثرها إثارة للدهشة، أن ترى عربيًا يتكلم لغة مكسرة لا تخلو من كلمات فرنسية، من مخلفات المستعمر، وهو يسخر من السعودية ويعدها معقل التخلف، وبنفس النظرة الاستعلائية التي كان الغرب يروجها عن العرب، دون أن يبحث ويطلع على ما يحدث في العالم، وكيف تمتلك المملكة كل هذا التأثير الإقليمي والدولي، وهي إحدى الدول الأقوى اقتصاداً في العالم، ضمن مجموعة العشرين التي تستحوذ على أكثر من 85 بالمائة من الناتج الإجمالي للاقتصاد العالمي، بل إنها تُعد أقل دول مجموعة العشرين من حيث نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، وثالث هذه الدول من حيث الاحتياطيات الأجنبية.
هذا على مستوى الاقتصاد، وكذلك مكانتها سياسيًا، ودورها الفاعل في المنطقة، وقدرتها على التفاوض وتقريب وجهات النظر والمصالحات بين الدول على مدى عقود، وحرصها على استقرار المنطقة والسلام بين الدول، تماماً كما هو حرصها على المحافظة على الاقتصاد العالمي، واستقرار أسواق النفط الدولية، إضافة إلى تميزها في مجالات الثقافة والفنون والرياضة وغيرها. هذا الوطن الذي يحتضن مفكرين ومبدعين وطاقات شابة رائعة، يتعرض إلى حملات تهكم من هؤلاء الذين تعاني بلدانهم من مشاكل اقتصادية وأزمات سياسية.
هذا الوطن الكبير الذي صنع مجده رجال مخلصون وأوفياء، فماذا فعلتم أنتم يا سادة لبلدانكم غير الشتات والضعف والأزمات السياسية والاقتصادية المتلاحقة؟