أبها - واس:
«جُرَش الأثرية» بقايا حضارات متعاقبة جنوب الجزيرة العربية، سادت قرونًا وأعوامًا، ثم ما لبثت أن بادت، وبقيت شواهدها دليلاً على فتراتها وتحولاتها المتلاحقة، وما قام به إنسانها آنذاك من تطويع لمعطيات مكانها؛ لتبرز «جُرَش حاضرة المخلاف» كمدينة حضارية وزراعية وصناعية ذات حرفية تميزت بالحصانة والقوة.
فمنذ آلاف السنين ما قبل الإسلام وبعده، وإلى نهاية القرن السابع من الهجرة، كانت «جُرَش» ذات مكانة وموقع مهم كنقطة التقاء، ومحطة وقوف على طريق الحج القادم من اليمن المسمى بدرب البخور. فيما أظهرت دلائل على الاستيطان خلال الفترة العباسية في شمال ووسط موقعها، ودلائل أخرى على الاستيطان جنوب موقعها، تعود إلى الفترة الإسلامية الوسيطة والمتأخرة.
وها هي «جُرَش البائدة» تتوسط الآن بأطلالها ومكانتها التاريخية محافظة أحد رفيدة شرقي أبها (30 كيلومترًا)، ويقف جبلاها الحارسان لها، والمعروف أحدهما بجبل «حمومة» الواقع في جهتها الشرقية، والآخر بجبل «شكر» الواقع غربها الذي أطلق عليه هذا الاسم خاتم الأنبياء سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - بديلاً عن اسم «كشر»، وذلك بعد أن اعتنق أهلها الإسلام.
وموقع «جُرَش» الذي تدل بقاياه على هندسة البناء وفنونه يعكس ملامح القوة والمناعة والحضارة، ويحتفظ بتاريخ ممتد.