د.ثريا العريض
حتى وقت كتابة هذا المقال صباح الجمعة لم تبدأ بعد جلسات وحوارات قمة العشرين في بوينس آيرس، وما زال كل ما كُتب حولها يدور حول ما تأكد من اللقاءات الثنائية لرؤساء الدول المشاركة, وما لا يزال منها غير مؤكد. وقد أُلغي اجتماع الرئيسين الأمريكي ترامب والروسي بوتين، وتأكد التقاء الأول بالرئيس الصيني شي جين بينج, كما تأكد اجتماع سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بالرؤساء الأمريكي ترامب والفرنسي ماكرون والروسي بوتين, ورئيسَيْ وزراء بريطانيا تيريزا ماي, والهند نارندرا مودي.
وبصفتها الدولة المضيفة دعت الأرجنتين ضيوفًا إضافيين للمشاركة في اجتماعات مجموعة العشرين عندها، من الدول شيلي وهولندا, وبعض المنظمات الدولية، بما في ذلك المجموعة الكاريبية ممثلة بجامايكا، ومصرف التنمية للبلدان الأمريكية، ومصرف التنمية لأمريكا اللاتينية.
عُقد 167 اجتماعًا تحضيريًّا لمجموعات قبل القمة. ولم يعلن جدول الأعمال النهائي بعد, وإن كان معروفًا من قبل أن هناك ثلاث أولويات لحوار مجموعة العشرين في عام 2018: مستقبل العمل، البنية التحتية للتنمية ثم المستقبل الغذائي المستدام. فيما أكدت بعض الدول المشاركة تركيزها على تنظيم العملات المشفرة في هذا الاجتماع, والتوازن التجاري. وأتوقع أن سوق وأسعار الطاقة، وبالذات النفط والغاز، ستناقَش أيضًا من منطلق تأمين ما تحتاج إليه دول العالم من الطاقة للمصانع وكوقود لوسائل النقل؛ لكونه ضرورة لضمان استمرار الإنتاج والتبادل التجاري. وطبقًا لإحصاءات صندوق النقد والبنك الدوليَّيْن احتلت السعودية المرتبة الثالثة على الدول العشرين في الاحتياطيات النقدية والأجنبية بـ1.9تريليون دولار بعد الصين واليابان.
من هنا يتضح أهمية كون المملكة العربية السعودية قد حصلت على العضوية؛ فهي أكبر مصدر للطاقة في العالم, ولها اقتصاد نشط، يؤهلها للمشاركة الجادة في مناقشة وضع العالم اقتصاديًّا، ودورها فيه، بين العرض والطلب للمنتجات المختلفة، وبهدف التخطيط لتعاون وتكامل، يتيحان للجميع وجهة إيجابية. حتى الآن معظم التغطيات محليًّا وإقليميًّا حول مشاركة المملكة العربية السعودية ركزت على ما يعنيه ذلك من تقييمنا لمحورية دورنا في الحفاظ على استدامة الاستقرار والنماء عالميًّا. ولكن المملكة لا تمثل فقط مصالحها الخاصة في تداولات المجموعة بل مصالح كل الدول العربية. وقد مرت المنطقة الخليجية بتأزمات شديدة في الفترة الأخيرة على جبهات متعددة، تتعلق بالعلاقات البينية، ومع القوى العظمى: من ممارسات إيران وحرسها الثوري، إلى إصرار إسرائيل على التمدد في الجوار، إلى تقلص قدرات القوى المنتجة سابقًا كالعراق وسوريا ولبنان وليبيا؛ وهو ما يجعل أهمية دور المملكة في إيجاد حلول تنقذ الجوار أكثر وضوحًا.
دور المملكة يخرج عن إطار البيع والشراء إلى دور الإغاثة، وإعادة البناء لكل الجوار الذي عاثت فيه عدوانية التدخل والتغلغل وأطماع الآخرين مستترة ومكشوفة, وملأته تنظيمات الإرهاب المتعددة بالجروح النازفة.
وسأعود في حوارنا القادم إلى تحليل نتائج قمة العشرين في بوينس آيرس بعد إعلانها رسميًّا.