د.عبدالعزيز العمر
يوجد عند كل أمة من الأمم على سطح هذا الكوكب نظام تعليمي، لكن المؤكد أن هذه النظم التعليمية ليست سواء، بل إنها تختلف فيما بينها اختلافًا كبيرًا، وتستطيع أن تعزو وبكل ثقة اختلاف نمو وتطور الأمم إلى اختلاف جودة نظمها التعليمية، وليس مستغربًا أن تتربع اليوم الولايات المتحدة ودول شمال أوروبا ودول النمور الآسيوية على قمة الهرم التعليمي، وفي الوقت نفسه تتربع هذه الأمم نفسها على قمة هرم التقدم والتنمية الاقتصادية، وإذا كان التعليم يسهم في تحقيق التنمية الوطنية والرخاء الاقتصادي، فإنه في المقابل يمكن أن يكون عبئًا ثقيلاً وكلاًّ على الدولة. فبعض النظم التعليمية فعالة ومنتجة، وبعضها عقيم يعيق التنمية ويلتهم مقدرات الدولة دون أن يكون له أي عائد تنموي اقتصادي، التعليم لم يعد اليوم مجرد خدمة تقدمها الدولة مجانا لمواطنيها، بل هو مشروع استثمار وطني هائل ذو مردود اقتصادي وطني عظيم. بل لم يعد اليوم ممكنا الفصل بين التعليم والاقتصاد، يؤكد ذلك ظهور مفهوم «اقتصاد المعرفة»، وهو اقتصاد يقوم على توظيف المعرفة في الإنتاج، فالهاتف الجوال مثلا، هو منتج اقتصادي تم توظيف أنواع مختلفة من المعرفة في إنتاجه، في حين يعد برميل النفط منتجًا اقتصاديًّا (خاليًا من المعرفة). وبناء عليه تم إطلاق مسمى عامل المعرفة (knowledge Agent) على المعلم. واقعنا التعليمي لا يشير إلى أن التعليم بأنواعه (العام والعالي والفني) قادر على أن يسهم بفاعلية في تطوير واقعنا الاقتصادي لكونه ينظر للمتعلم باعتباره وعاء لخزن نتف من المعلومات لا يفهمها، وينظر للمعلم مجرد ساعي بريد وظيفته نقل المعرفة بأي صورة كانت إلى الطالب، ويقدم للطلاب مناهج منفصلة تمامًا عن واقعهم ولا تعينهم على فهم هذا الواقع والتفاعل معه، هذا هو تحديدًا التعليم الذي لا نريد.