محمد جبر الحربي
غَرِيبُونَ،
لمْ نَسْتَشِرْ أحداً.
ربَّما ماتَ مِنْ قبلِنا مَنْ أشارَ،
ومَنْ ظلَّ يبحثُ في الدَّرْبِ عنْ إِصْبَعٍ.
ومَنْ ظلَّ في الدَّرْبِ،
دونَ مُكاشَفةٍ أوْ دَلِيلْ..!
وحدَهُ لمْ يَمُتْ،
لمْ يَمِلْ حينَ مَالَ الرِّفَاقُ،
ومَالَ -على ما يُضَاءُ- الدَّلِيلْ.
وحدَهُ لمْ يُمِتْهُ التَّفاوتُ
فاسْتَلَّ دِرْعَ الظَّلامِ،
وكفَّنَ بالأبيضِ المتَوهِّجِ أذْرِعَةَ الموتِ،
واقتعَدَ الشُّرفةَ البِكْرَ صُبْحِيَّةً..
والنَّخِيلْ.
بَعِيدُونَ،
لمْ نقترِبْ أبَداً.
ولكنَّهُ حينَ نُسقِطُ رُزنَامَةَ المتَحدِّرِ
يَصعدُ في المتَجَذِّرِ.
شَارتُهُ عَيْنُهُ الصَّقْرُ،
سُلَّمُهُ الصَّدْرُ،
والجِسْرُ
مِنْ جَسَدٍ مَاجِدٍ.. ونَحِيلْ.
أسْمَرٌ لمْ يُشِرْ..
بَلْ أشَارَ إلى غَيْرِ مَا يَتَوارَى.
مشى دُونَما ضَجَّةٍ أوْ دَمٍ،
وكالضَّوْءِ
أوْ مثلما يُتَنفَسُ
أشعَرَنا بالجَوادِ،
وأمْطَرَنا بالصَّهِيلْ.
قريبونَ لمْ نبتعِدْ أبَداً..
فإمَّا مَضَى نحوَ سِدْرتهِ صَاعِداً،
صَارَ يُثْمِرُ فينَا المَوَاتُ،
ويَكبُرُ فِينَا الضَّئِيلْ..!