نشرت مجلة الأقلام العراقية (العدد الأول ا/يناير 1983 ص 95-98) رسالة من الأردن بعنوان: «مشروع بروتا لترجمة الأدب العربي في حوار مع د. سلمى الجيوسي»، وكان قد أعدها القاص الفلسطيني الأستاذ خليل السواحيري (1940-2006) لبيان أهمية المشروع وإنجازاته، وتعريف القراء بها، والتأكيد «على ضرورة أن تقوم الجهات العربية المختصة بتقديم أقصى ما يمكن من الدعم المادي والمعنوي لها؛ ليتسنى لبروتا مواصلة القيام بإنجازاتها …».
غير أن ما يلاحظ أولاً أن «الحوار» نشر قبل صدور الإنثولوجيات الكبرى التي بدأت بالظهور عام 1987 أمثال «الشعر العربي الحديث» و»أدب الجزيرة العربية» و»الأدب الفلسطيني الحديث». ويلاحظ ثانياً أن ما سمي بالحوار لم يكن حواراً حقيقياً أو طبيعياً في معظمه بل كان -كما يبدو- منبراً أو وسيلة لعرض أهم ما ورد في بيان الجيوسي حول تأسيس مشروع بروتا بصورة حرفية بدون أية إشارة إلى البيان التاريخي المذكور. ويتجلى هذا الاقتباس الحرفي في الفقرات أو المقاطع التي وضعتها بين قوسين معكوفين [ ].
انظر مثلاً الإجابة المنسوبة في الحوار إلى الجيوسي بشأن بداية المشروع من «بدأت فكرة المشروع تنمو في رأسي في سنة 1976، وهي السنة الأولى من إقامتي في الولايات المتحدة أستاذة للأدب العربي. فقد اتضح لي عندئذ هذان الأمران»… إلى «ويسرني أن أخبركم أن هذا قد تحقق…»، حتى نهاية هذا المقطع «وذلك قبل الاتفاق مع وزارة الثقافة العراقية» أنها كلها مأخوذة نصاً من البيان الأصلي. ويصدق الشيء نفسه على ما ورد في «الحوار» حول أسلوب العمل ومراحله حسب مخطط الجيوسي، وقائمة الكتب التي كانت تطمح إلى إعدادها في السنوات الأولى.
وقد رأيت - بالرغم من ذلك - إعادة نشر الحوار لقيمة محتوياته التاريخية، وقضايا جوهرية تخص هدف المشروع والدعم العربي المادي، والأسس التي التزمت بها الجيوسي في اختيار الأعمال وترجمتها. دع عنك تيسير الاطلاع على بعض ما نشر في المطبوعات العراقية بشأن مشروع بروتا.
صالح جواد الطعمة
** **
مشروع بروتا لترجمة الأدب العربي في حوار مع د. سلمى الجيوسي
(خليل السواحيري)
الدكتورة سلمى الجيوسي، الشاعرة والناقدة الفلسطينية المعروفة، أستاذة الأدب العربي في الجامعات الأمريكية، مؤسسة مشروع بروتا لترجمة الآداب العربية إلى اللغات الأجنبية، كانت قبل أيام في زيارة خاطفة للأردن، بعد أن شاركت في المهرجان الأدبي الذي أقيم في مصر بمناسبة مرور خمسين عاماً على وفاة الشاعرين أحمد شوقي وحافظ إبراهيم.
والدكتورة الجيوسي كانت صاحبة الفضل في تأسيس* [(مشروع ترجمة الآداب العربية) بروتا الذي يهدف إلى ترجمة الآداب العربية قديمها وحديثها إلى لغات العالم الحية، وإلى نقل أرقى ما أنتجته العبقرية العربية في تاريخها الطويل نقلاً فنياً إبداعياً إلى اللغة الإنجليزية أولاً ثم إلى لغات عالمية أخرى على رأسها اللغة الاسبانية].
وفي شهر آب الماضي أصدرت بروتا أول نتاج لها، وهو الترجمة الإنجليزية لرواية الكاتب الفلسطيني أميل حبيبي (الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل). وقد صدرت الترجمة عن دار فانتيج في نيويورك. وكتبت الدكتورة الجيوسي مقدمة نقدية مطولة للرواية، إضافة إلى الهوامش والتفاسير. وشارك في ترجمتها الدكتور تريفور ليجاسيك أستاذ الأدب العربي في جامعة ميتشغان.
كما أن بروتا على وشك إصدار كتابها الثاني، هو (منتخبات من الأدب العربي الحديث)، وسيصدر في 650 صفحة مع مقدمة نقدية وافية عن دار جامعة كولومبيا للنشر في نيويورك. وقد شارك في الترجمة عدد كبير من المترجمين والأدباء المرموقين في العالم الناطق بالإنجليزية.
وبالنظر إلى الأهمية الفائقة والدور الحضاري الذي يمكن أن تلعبه هذه المؤسسة في التعريف بالإبداع الأدبي والفكري العربي القديم والمعاصر، ولما في ذلك من أهمية بالغة في مواجهة الافتراء والتشويه الذي تمارسه الحركة الصهيونية ضد الحضارة العربية والإنسان العربي فقد رأينا في هذا اللقاء مع الدكتورة الجيوسي أن نطلع القراء العرب على إنجازات هذه المؤسسة، وعلى حيوية الجهود التي تبذلها، وعلى ضرورة أن تقوم الجهات العربية المختصة بتقديم أقصى ما يمكن من الدعم المادي والمعنوي لها؛ ليتسنى لبروتا مواصلة القيام بإنجازاتها الحضارية فائقة الأهمية.
في بداية حوارنا مع الدكتورة سلمى الجيوسي المؤسسة والمشرفة على مشروع بروتا طلبنا منها أن تحدثنا عن بروتا كيف بدأ؟ وما هي الأسباب التي كانت وراءه؟ فقالت:
*[بدأت فكرة المشروع تنمو في رأسي في سنة 1976، وهي السنة الأولى من إقامتي في الولايات المتحدة كأستاذة للأدب العربي؛ فقد اتضح لي عندئذ هذان الأمران:
الأول: أنه ليس في المكتبة العالمية إلا عدد قليل جدًّا من الترجمات الفنية من الأدب العربي. وفيما عدا ذلك تظل خزانة الكتب العالمية خالية من آثار إبداعنا الأدبي وعطائنا الثقافي اللذين انسحبا على خمسة عشر قرنًا من الزمن على الأقل.
الثاني: هو أن الاهتمام بنا كأمة لها تاريخ حضاري راح يزداد بصورة كبيرة في السبعينيات عندما بدأ العالم يشعر بقدراتنا الاقتصادية، ويعي الدور الكبير الذي يستطيع أن يلعبه الاقتصاد العربي في الاقتصاد العالمي.
وقد عبر هذا الاهتمام عن نفسه بعدد من المؤتمرات العالمية التي انعقدت منذ سنة 1974 في أمريكا وإنجلترا وسواها من البلاد الغربية حول أدبنا وثقافتنا.
ولكن خلو يدنا من ترجمات أدبية راقية، تدل علينا، وتكشف عن عبقريتنا وقيمتنا الثقافية وفعاليتنا الحضارية، كان دائماً يضعف من حجتنا.
وكان واضحاً أنه ليس هناك تفسير مقنع يبرر هذا الفقر المجحف. فالأمة العربية قدمت للتراث الحضاري الإنساني ثقافة شاملة مكتملة الجوانب، وفكراً لامعاً، وأدباً رفيعاً متميزاً. وقد بدا أمراً فاجعاً أن يظل كل هذا مجهولاً، بينما يحاول أعداء هذه الحضارة العريقة تصويرنا للعالم كما يشاؤون، وإعطاء الشعوب الأخرى صورة مشوهة، أو في أحسن الأحوال صورة منقوصة عنا، ولاسيما أننا قادرون ثقافياً ومالياً على قلب الوضع قلباً، وتأكيد وزننا الحضاري من جديد في العالم.
وقد بدأت فكرة المشروع تتحقق عملياً عندما كتب إلي مدير دار جامعة كولومبيا للنشر في نيويورك ودعاني إلى أن أهيئ لهم كتاباً بالإنجليزية من منتخبات الأدب العربي الحديث، أقدم لها بمقدمة وافية حول تطور أدبنا الحديث بفروعه المختلفة. وقد قبلت دعوته شريطة أن يجتمع لي أولاً فريق جيد من المترجمين، ويتهيأ لي ثانياً المال الكافي للقيام بالمشروع بشكل متقن.
ويسرني أن أخبركم بأن هذا قد تحقق. فقد تمكنت أولاً من استقطاب عدد جيد من المترجمين المتقنين للغتين، ثم من خيرة الأدباء والشعراء الناطقين بالإنجليزية ليتعاونوا معنا.
كما تمكنت ثانياً من الحصول على دعم مالي ومعنوي كريم من وزارة الثقافة العراقية التي تبنت الكتاب الأول، وأرسلت مشكورة مساندتها المالية إلى دار جامعة كولومبيا للنشر في نيويورك التي تقوم هي بتوزيع المكافآت للمترجمين، كما تقوم بدفع المصاريف وأجور الأعمال السكرتيرية إلخ…
س. بعد صدور ترجمة رواية إميل حبيبي المتشائل والانتهاء تقريباً من ترجمة المختارات من الأدب العربي الحديث التي ستصدر قريباً، ما هي الأعمال الأدبية التي تتوجهون لترجمتها؟ وما هي الأسس التي تتبعونها في اختيار الأعمال الأدبية أو الفكرية قديمها وحديثها؟
ج. الأسس التي نتبعها هي في الدرجة الأولى فنية حضارية، أي إنها تصر على المستوى الفني كما تصر على أن يعبر النص المنتخب عن الحضارة العربية في الماضي، وعن الأوضاع الثقافية والإنسانية العربية في العصر الحاضر. إن كتاب المنتخبات من الأدب العربي الحديث الذي نكاد ننتهي منه، وهو من 650 صفحة من الحجم الكبير، راعى هذين الأساسين، فقد حاولت أن تكون كل المنتخبات (وهي نصوص من مؤلفات أكثر من 95 كاتباً عربياً) ذات مستوى جيد وعدد غير قليل منها على مستوى فني راق جداً، كما أن هذه النصوص كانت معبرة عن الرؤية العربية للحياة، وللوضعية الإنسانية في عالمنا العربي الحديث.
الانتهاء من المجلد الضخم الذي يحتوي على المنتخبات الأدبية الحديثة من شعر وقصة قصيرة وفصول من عدد من الروايات والمسرحيات ذات الفصل الواحد. وأقوم الآن بإعداد مقدمة نقدية تاريخية مطولة عن الأدب العربي الحديث وتطوره في جميع أنواعه، وسوف نزود الكتاب بالهوامش الضرورية التي تفسر بعض النصوص، ونبذ عن سير الأدباء المترجم لهم، وكذلك عن المترجمين أنفسهم، فجميعهم مرموقون، ولهم إنجازات راقية في المجال الأدبي الإبداعي أو في مجال الدراسات العربية. إننا لا نشرك معنا إلا الموثوقين وأصحاب الأعمال المأثورة في مجالات اختصاصهم.
لقد ساندت كتاب المنتخبات الحديثة وزارة الإعلام في العراق، كما تلقى المشروع دعماً جديداً من وزارة الإعلام في قطر، وذلك لمجموعة المنتخبات من الأدب العربي في العصور التي سبقت العصر الحديث، وسوف يشترك معنا في إعداد المنتخبات نخبة منتقاة من المختصين في هذا الأدب في العالم العربي. وسوف نجتمع في مطلع الصيف لكي نتداول في أمر المنتخبات هذه، ونختار أفضلها للمجلد. وكلا المجلدين ستنشره دار جامعة كولومبيا للنشر في نيويورك.
س. ما هي المراحل التي تتبعونها في عمليات اختيار النص وترجمته، أي ما هو أسلوب العمل المتبع في بروتا؟
ج. يمر العمل قبل صدوره عنا بمرحلتين، هما:
1]* - انتخاب النصوص: الهدف هو أن تجيء النصوص معبرة أحسن تعبير عن ذرى الإبداع الأدبي والفكري عند العرب قديماً وحديثاً. ويقوم في المنتخبات الأدبية على أساس الجودة الفنية والمضمون الإنساني الكريم الذي يعكس قيمنا وتجربتنا ومواقفنا الإنسانية. وفي المنتخبات الفكرية المعاصرة على أساس المستوى الفكري الرفيع، والبحث الموضوعي الجاد، وأهمية المحتوى لقضايانا الحيوية.
2 - الترجمة: تعتمد الترجمة على أساس النظرية التي تقول إنه لا يترجم الأدب إلا أديب في اللغة المترجم إليها.
وتتم على مرحلتين:
الأولى: يعهد بالنص المنتخب أولاً إلى مترجم قدير يتقن اللغتين، ويتمتع بحاسة أدبية مرهفة؛ فينقله إلى الإنجليزية. وأدقق أنا في صحة الترجمة بالتشاور معه. ثم المرحلة الثانية يعهد بالنص المترجم إلى أديب أو كاتب معروف إن كان نثراً، وإلى شاعر إن كان قصيدة ممن كانت لهم اللغة الإنجليزية هي اللغة الأم، فيصقل النص أو يعيد كتابته ويحرره من روح الترجمة وضعفها.
غير أن العمل لا ينتهي بالفعل إلا بعد أن تنال المنتخبات استحسان ناقد مرموق في اللغة المترجم إليها، مهمته أن ينظر إلى مجموعة المنتخبات الجاهزة، ويعطينا رأيه بها قبل دفعها إلى النشر.
وقد قمنا في السنة الماضية بهذا الأسلوب على ست قصائد للشاعر العراقي الراحل بدر شاكر السياب (هي جيكور والمدينة، في المغرب العربي، النهر والموت، أغنية في شهر آب، أنشودة المطر، صراخ من مقبرة، قصيدة نازك الملائكة، زنابق صوفية للرسول). وقد قام بإعادة كتابة هذه القصائد شعراً بعد ترجمتها الشاعر الإنجليزي المعروف الدكتور كريستوفر ميدلتون الشهير بترجماته من الألمانية، كما ترجمنا أيضاً مطولة الشاعر السوداني محمد المهدي المجذوب (المولد) وقد قام بإعادة كتابتها شعراً الشاعر الأمريكي الدكتور تشارلس دوريا، وهو ضليع بالترجمة من اللغات القديمة.
إننا بهذه الطريقة نضمن نقل أدبنا إلى أدب باللغة المترجم إليها، يتمتع بمزايا الأدب الرفيع كما يتمتع به النص الأصلي بالعربية. وقد قصرت الكتب القليلة التي ترجمت شيئاً من شعرنا إلى الإنجليزية من قبل لأحد الأسباب الثلاثة الآتية:
1 - لأنه قام على الترجمة عرب، كانت العربية لهم اللغة الأم، ولكنهم كانوا يتقنون الإنجليزية فظنوا أنهم قادرون على امتلاك ناصية التعبير الأدبي فيها. وهذا لا يتسنى عادة لغريب مهما أتقن لغة الحديث والكتابة التحليلية والبحث. فلغة الأدب تختلف جذرياً عن لغة البحث والتحليل.
2 - لأنه قام على الترجمة عرب يعرفون الإنجليزية، واستعانوا ببعض الناطقين بها دون أن يكون هؤلاء أدباء أو شعراء في لغتهم؛ ولذا فإنهم لم يتمكنوا من تحويل المصطلح الأدبي العربي إلى مصطلح أدبي إنجليزي؛ لأنهم أنفسهم لا يملكونه.
3 - أو لأنه قام على الترجمة أكاديميون مستعربون، يهمهم في الدرجة الأولى أداء المعنى قبل كل شيء.
ونحن نريد أن نتلافى كل هذا. وأحب أن أشير هنا إلى أنه لكي تنجح ترجمة الآثار الأدبية والفكرية المتنوعة فإن علينا أن نستعين بأدباء أجانب مختلفي الأساليب. وقد وُفقنا إلى هذا؛ لأني بسبب إقامتي الطويلة في الغرب، ومعرفتي الشخصية بعدد غير قليل من أدبائه، قد تمكنت من استقطاب عدد منهم وإثارة حماستهم للعمل في المشروع].*
س. لقد تقدمت باقتراحات محددة إلى جهات عربية مسؤولة لتحويل هذا المشروع إلى مؤسسة ثقافية تابعة لها بحيث يتاح لها تمويل ثابت ومستمر. هل تعتقدين أن لوزارات الثقافة العربية مجال لتقديم أي إسهام في هذا المشروع؟
ج. إن المجال هو مجال هذه الوزارات؛ فالمشروع أولاً مشروع عربي شامل، وهو ثانياً مشروع غير هادف للربح، وهو ثالثاً مشروع يشارك فيه عدد كبير من أساتذة الأدب العربي والأدباء العرب والمثقفين العرب والأجانب والشعراء والأدباء الغربيين، سواء بصفة استشارية أو إدارية أو كمترجمين ومحققين. وهو رابعاً مشروع مكتمل الجوانب، مدروس ومخطط له، ولا ينقصه إلا الدعم المالي، وهو خامساً - وهذا أهم شيء - مشروع ضروري كناقل حيوي أساسي، يهدف إلى وضع الكتاب العربي في مكانه اللائق من خزانة الكتب العالمية، في مكانه الطبيعي على رفوف المكتبة العالمية. إنني لا أصدق أن العرب المعاصرين بكل قدراتهم العلمية والثقافية والمالية لم يفطنوا بعد إلى ضرورة اقتحام العالم من جديد في المجال الثقافي، إلى أهمية الدخول بكبرياء وثقة إلى ساحة الحضارة العالمية، والإسهام بتغذيتها وإغنائها. لقد فطن عدد من المثقفين في الولايات المتحدة إلى أدب أمريكا اللاتينية المعاصر، واكتشفوا أنه أدب غني فترجموه، واشتهر كأحد الروافد المهمة في تيار الأدب العالمي. كان ذلك سهلاً لأن عدداً غير قليل من أدباء أمريكا يتقنون الإسبانية بل هم يملكون اللغتين بالتساوي، وكان سهلاً أيضاً لقرب القارتين واتصالهما الدائم. ونحن بإمكاننا الآن إقامة هذه الجسور الثقافية المهمة. إن العدة مهيأة، لا ينقصها إلا أن يتولى المسؤولون العرب دعمها.
كانت وزارة الإعلام في العراق سباقة إلى الاستجابة، ونحن على اتصال بوزارات الإعلام في الدول العربية والمؤسسات الثقافية والجامعات. علماً بأن مستشاري المشروع هم أساتذة في الجامعات المختلفة. لست أشك في أن المسؤولين العرب سوف يباركون بشدة مشروعاً تبناه كل مثقف عربي وكل أديب اتصلنا به، ولست أشك في أنهم سوف يعطونه الدفعة القوية لكي يثمر ويزدهر.
س. ما هي آفاق المستقبل بالنسبة لبروتا؟ ما هي طموحاتكم ومشاريعكم للمستقبل؟
[*ج. إنني إذ أرجو أن يستمر هذا المشروع طويلاً حتى ينقل أكبر جزء من الأدب والفكر العربيين إلى اللغات الأجنبية أقترح أن ننجز في السنوات الخمس القادمة (خريف 1981-1986) ما يأتي من الكتب:
1 . منتخبات من الأدب العربي الكلاسيكي الشعر والمقامة والقصة.
2. منتخبات من النثر الفني عند العرب قديماً وحديثاً.
3. منتخبات من شعر المتنبي.
4. منتخبات من شعر المعري.
5.منتخبات من أدب الجاحظ (لم يذكر في البيان).
6. منتخبات من أدب الحب عند العرب.
7. نقل ثلاث سير شعبية بطولية بأسلوب معاصر.
8. نقل منتخبات من كليلة ودمنة بأسلوب معاصر.
9.إعداد خمس مجموعات قصصية لأهم القاصين العرب المعاصرين (الأصل بدون النص على خمس).
10. إعداد خمس مجموعات شعرية لأهم الشعراء العرب المعاصرين (الأصل بدون النص على خمس)
11. ترجمة عدد من الروايات والمسرحيات الحديثة، تبلغ خمسة عشر كتاباً. (الأصل: ترجمة عدد من الروايات العربية حوالي خمس عشرة رواية وعدد من المسرحيات الحديثة).
12. ترجمة عدد من الكتب الفكرية رفيعة المستوى، تبلغ خمسة عشر كتاباً، تدور حول قضايا العالم العربي].*
وبهذا يكون المجموع الكلي للكتب المنوي إصدارها خمسين كتاباً.
س. أخيراً هل لك أن تحدثينا عن كتابك النقدي الأخير (الاتجاهات والحركات في الشعر العربي الحديث)؟
ج. صدر هذا الكتاب في جزأين من حوالي 900 صفحة، وباللغة الإنجليزية، وهو يتناول تطور الشعر العربي الحديث من القرن الثامن عشر حتى 1970، ويتقصى جميع التغيرات التي حدثت لجميع عناصر القصيدة، كاللغة الشعرية والصورة والشكل والموقف واللهجة والموضوع واستعمال الشعر المعاصر للأسطورة والإشارة والفلكلور والرمز، وهو يتابع جميع المدارس الشعرية التي مر بها الشعر الحديث من كلاسيكية جديدة إلى رومانسية أي رمزية وسريالية، ثم حركة الشعر الحديث في الخمسينيات، كما يتابع تطور النظرية النقدية للشعر من القرن الماضي، أي من المرصفي حتى النقاد المعاصرين.
والمنهج يعتمد الأمرين: إنه أولاً يتابع الاستمرارية التي ميزت تطور شعرنا الحديث، ولكنه يفطن أيضاً للحركات التي شذت عن خط الاستمرارية وللمواهب التي ظهرت خارج الحركة الشعرية التي ميزت عصرها.
وإلى جانب الرؤية الاستمرارية يصر الكتاب على النمو الداخلي في الفن، وهذا منهج أساسي في رؤية الكتاب للتطور الفني؛ ذلك أن المؤثرات الخارجية لا تكفي وحدها لتفسير التغيرات التي حدثت في التقنية الشعرية في هذا القرن حتى في نهاية القرن الماضي؛ إذ إن للأدب نموه الخاص وحياته أحياناً رغماً عن المؤثرات الخارجية.
فأنت لا تستطيع أن تفرق تغيراً في الشعر والأدب إذا كان هذا الأدب غير مستعد له. وما كان شوقي مثلاً قادراً على التوجه الرمزي الصرف في شعره؛ لأن الأدوات الشعرية في عصره في الشعر العربي لم تكن قادرة على استيعاب الرمز المكثف، ولم تكن في حاجة فنية إلى ذلك.
- أ.د. صالح جواد الطعمة