سامى اليوسف
حتى في ليلة رحيله كانت السماء صافية، كصفاء قلبه، وصدق ابتسامته، وسكون روحه، الطيبون؛ مثل سلطان البرقان، رحمه الله، قليلون في هذا الزمان خاصة في وسطنا الرياضي الذي يعج بالصخب، ولكن سيرتهم تبقى تتحدى النسيان في قلوب من أحبهم وعايشهم ورافقهم، كالنور تضيء المكان وتعطره كلما مر طيف ذكراهم.
عرفته صغيرًا بحماسته وشغفه بالكرة، يلعب في فناء منزله وهو يعلق على تحركاته وتسديداته، يعيش عالمه على طريقته، واحترمت موهبته كبيرًا، وما بين الطفولة والشباب كانت ابتسامته الدائمة.. الصادقة هي النافذة إلى روحه، وأخلاقه الرفيعة هي القاسم المشترك بين المرحلتين، أسرت القلوب، وكتبت العنوان لمسيرته، وكانت سلاحه الأقوى في صراعه مع المرض.
لا يختلف اثنان على موهبة «سلطان» الكروية، لكن يتفق الجميع على قبوله ومحبته في وسط من النادر أن تخرج منه كما دخلت؛ بسمعة طيبة وقلبٍ صافٍ. سلطان، رحمه الله، حقق المعادلة الأصعب، فقد خرج بأضعاف ما كان يحمله من عرفه عند دخوله؛ تضاعف الحب والاحترام والتقدير لشخصه وسيرته، والناس هم شهود الله في الأرض، غادر دنيانا الفانية والقلوب تلهج بالدعاء له والثناء عليه، فالمشجع واللاعب والمدرب والإداري والإعلامي.. كلهم يذكرونه بخير ويدعون له، ولن يبقى للعبد بعد فراق الدنيا وأهلها إلا الذكر الحسن، وما تلهج به ألسن المؤمنين بالدعوات له؛ فمن أحبه الله أحبه الناس، قال النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الجنازتين :» شهادة القوم والمؤمنون شهود الله في أرضه»، وفي رواية:» هذا أثنيتم عليه خيرًا فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرًا فوجبت له النار؛ إنكم شهود الله في الأرض». في مواقع التواصل الاجتماعي الكل يتحدث عنه بخير، وعند قبره أجمع الحضور على طيبة خلقه ونقاء معدنه.
لقد ترك سلطان البرقان، رحمه الله، أثرًا بابتسامته الصادقة وقلبه الصافي، وعمله الطيب، وماخفي من خبيئة اكتنزها كان أعظم عند الله ، وفي سيرته ووداعه موعظة بليغة لزملائه اللاعبين والمحللين في الإعلام بأن يعامل الرجل الناس بأحسن ما يحب أن يعاملوه به، فلن يبقى لك إلا الذكر؛ حصاد عملك، فاجعله حسناً لتُسر في قبرك بحصاد الدعوات الصادقة ..
يا من بدنياه انشغل وغرّه طول الأمل
الموت يأتي بغتةً والقبر صندوق العمل
خاتمة
اللهم ارحم عبدك سلطان البرقان، واغفر له واجعل مآله لجناتك جنات النعيم، اللهم اغسله من الذنوب والخطايا بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم أبدل سيئاته حسنات، وارزقه الفردوس الأعلى من الجنة.