محمد آل الشيخ
لا أعتقد أن أحداً في تاريخ الإسلام حوّل أهل السنّة والجماعة إلى فرقة قتل وتدمير دموية مثلما فعل المتجنس القطري، والمصري الأصل، يوسف القرضاوي، أحد كبار أساطين جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية. فهذا المتأسلم المؤدلج سخّر النصوص الإسلامية لخدمة جماعته الإرهابية، فقد التقط من التراث الإسلامي الموروث حديث آحاد، ظني الدلالة، وألغى به آية قرآنية لإباحة قتل النفس. القرآن الكريم كما هو معلوم يُحرم قتل النفس تحريماً قطعياً في قوله جل شأنه: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}، ولأن غاية هذا الأفاك المتأسلم إثارة الفتن والثورات، وتحويل بعض كوادر المتأسلمين إلى قنابل بشرية، أتى بحديث غلام أصحاب الأخدود، واعتمد عليه، وأجاز بمقتضاه (العمليات الانتحارية)، مشترطاً أن تأذن بها الجماعة، ولا أدري في أيّ شرع وتحت أيّ مبرر ينسف حديثاً آحادياً ظني الدلالة، يتحدث -على افتراض صحته- عن حدث لأمة سالفة، آية قرآنية محكمة الدلالة، رغم أن القاعدة الفقهية تقول: (إن شرع ما قبلنا هو شرع لنا، ما لم يأتِ في شرعنا ما يلغيه)، كما يقول علماء الأصول الأوائل.. وغني عن القول إن جماعة الإخونج أعطوا لهذا الأفاك المتأسلم يوسف القرضاوي قيمة ومكانة لم يحظ بها أحد من كبار فقهاء المسلمين في العصر الحديث؛ وفتواه هذه على وجه الخصوص تؤكد ما أقول وأكرره ومؤداه إن تسييس الإسلام هو السبب الرئيس الذي أفرز هذه الجماعات المتأسلمة الدموية، وما فتوى القرضاوي سالفة الذكر إلا دليل ساطع كالشمس في رابعة النهار يؤكد ما أقول.
ولعله من المُطمئن أن الإخونج وحاضنتهم قطر وكذلك تركيا أردوغان يمرون هذه الأيام بانحسار وعزوف من قبل أتباعهم، ناهيك عن بقية المسلمين، لم يمر بهم طوال تاريخهم.
وأهم مؤشرات هذا الاضمحلال والعزوف الجماهيري هنا في المملكة، أن الخلايا الإرهابية تكاد أن تنتهي منذ أن أوقفت الدولة أغلب كبار أساطينهم ومنظريهم من الإخونج والسروريين، وتعاملت معهم بيد فولاذية، لا تعرف إلا الحزم الذي لا يشوبه تردداً، ولا يخالجه رحمة، فليس ثمة إلا ملاحقة كوادرهم ودعاتهم، سواء في دور التعليم بمختلف مراحله، أو منعهم من منابر المساجد، أو إقامة التجمعات والمحاضرات والندوات التي يزعمون أنها دعوية، بينما أن أغلب المحاضرين فيها يُسوقوّن السم الزعاف على البسطاء والسذج على أنه من مقتضيات الدين الصحيح والعقيدة الصافية.
وليس لدي أدنى شك أن الحملة الإعلامية التي يشنها الإخونج على وجه الخصوص على أميرنا الأمل محمد بن سلمان كان من بين أسبابها ودوافعها موقفه الصارم والحازم والمُعلن على ما يسمى (الصحوة الإسلامية)، التي هي بلغة أخرى ظاهرة (التأسلم السياسي) التي كانت بمثابة حجر العثرة في سبيل التنمية الاجتماعية وصناعة غد أفضل.
بقي أن أشير إلى نقطة غاية في الأهمية، مؤداها أننا انتصرنا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى على ظاهرة التمظهر بالدين لتحقيق غايات محض دنيوية، وفي فترة وجيزة؛ لكننا يجب أن نُبقي عيوننا مفتوحة، بحيث تكون مراقبتنا ومتابعتنا لنشاطاتهم في غاية الحذر، للاستمرار في تشتيت شملهم، والقضاء على فسادهم، لأن أيّ تساهل معهم، أو تسامح، سيجعلهم ينبتون في بيئتنا من جديد، لا سيما وأن ذهنية الإنسان السعودي تحتاج إلى بعض الزمن لتطهيرها من جراثيمهم وفيروساتهم الفتاكة.
إلى اللقاء،،،