«الجزيرة» - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية:
تنطلق الدورة الثالثة عشرة لمجموعة العشرين وسط ترقب شديد لنقاش موضوعات حساسة أهمها التوترات التجارية وأنظمة منظمة التجارة العالمية والإجراءات الاستثنائية التي يمكن اتخاذها وغيرها من الموضوعات الشائكة التي ترتبط بوضعية أسواق المال والتجارة العالمية .. لدرجة أن قمم هذه المجموعة باتت مثار اهتمام المراقبين بدول دول العالم عن أي منظمة دولية أخرى.. حتى باتت التوقعات تلوح في الأفق بقرب تحول هذه المجموعة من مجرد مجموعة تلتقي برئيس مؤقت بلا جهاز تنفيذي إلى كيان دولي منظم ربما يسبق منظمات دولية كبرى أخرى.
العشرون تجمع الأقوياء.
نشأت مجموعة العشرين في عام 1999 بناء على مبادرة من مجموعة الدول السبع (الدول الصناعية الكبرى)، بحيث تضم تجمع الدول الصناعية الكبرى مع الدول الناشئة لمناقشة الموضوعات الجوهرية التي تهم الاقتصاد العالمي. وقد جاء إنشاء هذه المجموعة كمنتدى عالمي للاعبين الكبار في الساحة الاقتصادية لمجابهة الأزمات المالية المكررة في التسعينيات من خلال تعزيز التضافر الدولي، وترسيخ مبدأ الحوار الموسع بمراعاة زيادة الثقل الاقتصادي الذي أصبحت تتمتع به عدد من الدول.. ويمثل هؤلاء اللاعبون نحو ثلثي التجارة في العالم وما يزيد على 90% من الناتج العالمي الخام.. وقد برز هذا التوجه من جراء اعتراف الدول الصناعية السبع الرئيسية بارتقاء وزيادة ثقل دول ناشئة معينة ووصولها إلى حد التأثير السلبي إذا لم تشارك في صناع القرار العالمي. وتمثل مجموعة العشرين حوالي 90% من الاقتصاد العالمي، وحوالي 80% من التجارة العالمية وثلثي سكان العالم.
يعتبر يوم 15 نوفمبر 2008 اليوم الفاصل في تاريخ مجموعة العشرين، حيث إنه ولأول مرة في تاريخها، اجتمع رؤساء الدول والحكومات وليس فقط وزراء المالية.. وقد تزامن دخول المملكة إلى مجموعة العشرين إلى تحولها من مجرد مجموعة إلى قمة، أي تحولها من اجتماعات وزارية على مستوى وزراء المالية تقريبا إلى اجتماعات قمة على مستوى رؤساء وملوك الدول، حيث اجتمع في 15 نوفمبر 2008، ولأول مرة في تاريخها، رؤساء الدول والحكومات وليس فقط وزراء المالية.
تهدف مجموعة العشرين الى تنمية رؤية عامـة بـين الأعضاء حول القضايا المرتبطة بتطوير أكثر للنظام المالي والاقتصادي العالميين..وقد تعهدت مجموعة العشرين بوضع معايير أعلى وأجد تتعلـق بالشفافية وتبادل المعلومات ويصب مغزاها فى مفهوم الضرائب، ويهدف ذلـك إلى التصدى لسوء استخدام النظام المالي والحد قانونا من بعض الأنـشطة مثـل التهرب الضريبي. وتلعب مجموعة العشرين أيضا دورا كبيـرا فـي الأمـور المتعلقة بإجراء اصلاحات في الهيكل المالي العالمي.
هل يصبح للمجموعة أمانة عامة وجهاز موظفين؟؟
على عكس المؤسسات الدولية مثل منظمة التنمية والتعاون الاقتـصادي، وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، فإن مجموعة العشرين حتى الآن بلا جهاز تنفيذي، وانما يتم تنظيمها بحيث ينتقل منصب رئيس المجموعة فيما بين الأعضاء، ويتم اختياره من بين دول مختلفة من أقاليم مختلفة كل عام.
ولكن تعتقد وحدة أبحاث الجزيرة أن هذه القمة مؤهلة لكي يناقش الأعضاء اقتراحا لأن يكون لها جهاز تنفيذي ويصبح لها استقلالية، ولعل هذا الاقتراح المتوقع قد يكون في صالح العديد من الدول ومنها المملكة وجنوب أفريقيا والبرازيل والأرجنتين، لأنه يمنحها المشاركة في دائرة صنع القرار الاقتصادي العالمي.
ترقي المملكة في مؤشرات دخل الفرد
تشير الأرقام لمعدل دخل الفرد إلى أن المملكة تستحوذ على المرتبة الـ11 كأعلى دخل للفرد، وهذا المؤشر يمثل أهمية خاصة، لأنه المؤشر الأعلى دلالة على رفاهية الفرد ومن ثم الدليل على الوضع المعيشي للسكان. ففي حين يقدر متوسط دخل الفرد بالمملكة حسب إحصاءات عام 2015 بنحو 20.8 ألف دولار سنويا، فقد وصل هذا المعدل إلى حوالي 1617 دولار بالهند، ونحو 5695 دولار بجنوب أفريقيا.
السعودية الأفضل في مؤشر الدين العام
تشير أحدث بيانات منشورة إلى أن المملكة سجلت مؤشرا جيدا للدين العام يقدر بنحو 15.6%، وهو المؤشر الأقل داخل مجموعة العشرين.. وبالتالي تنال المرتبة الأولى من حيث انخفاض مؤشر الدين العام.
دلالات التحسن في الاقتصاد السعودي.. في ضوء نجاح برنامج الإصلاح المالي
1.أن المملكة من الدول ذات المعدلات العالية التحسن المستمر والمتزايد في نصيب الفرد من الناتج الإجمالي.
2.النجاح الملموس في الإصلاحات المالية والهيكلية والإدارية التي تم إجراؤها في ضوء رؤية المملكة 2030.
3.تحقيق القطاع النفطي نموا غير عادي خلال السنوات الأخيرة بمعدل متزايد سنويا.
4.الحفاظ على مستويات معتدلة من الاحتياطيات المالية بالدولة.
5.التراجع المستمر في مستوى الدين الداخلي كنسبة من الناتج.
6.ارتفاع مستويات مرتفعة في التصنيف الائتماني للمملكة مع نظرة مستقبلية مستقرة «كاعتراف بنجاح السياسات الاقتصادية الأخيرة بالمملكة».. بشكل جعل مخاطر الائتمان شبه منعدمة تقريبا.
قمة الأرجنتين
هذه الفترة لا تمثل فترة أزمة حقيقية بقدر ما هي فترة توترات تجارية متزايدة بين الدول، هذه التوترات تثار حولها مخاوف كبيرة في أن تؤثر سلبا في المدى القريب أو المتوسط على معطيات النمو الاقتصادي.
ولا تزال كل توصيات صندوق النقد الدولي تتركز في تفادي اللجوء إلى إجراءات استثنائية لتسوية النزاعات التجارية.. فلا تزال المخاوف تدور حول احتمالات فرض الرسوم الجمركية التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرا على واردات الصلب والألومنيوم، فضلا عن فرض عقوبات تجارية محتملة على الصين، ونعتقد أن هذه القمة فرصة متميزة لأن تتفق دول المجموعة على إجراء المزيد من الإصلاحات الاقتصادية لجعل النمو أكثر قوة واستدامة وتوازنا وشمولا، كما تؤكد رئيسة صندوق النقد الدولي.
مجموعة العشرين تعتبر فرصة ذهبية لوجود عدد يفوق عدد دول مجموعة السبع أو الثمانية بحيث تضمن وتتفادى إغراءات سياسات الانكفاء على الذات، وبالتالي الاتفاق بين عدد كبير من الدولللعمل على خفض الحواجز التجارية وتسوية الخلافات التجارية بدون اللجوء إلى إجراءات استثنائية.
ورغم أنه يسود انطباع إلى أن مجموعة العشرين ولدت من أجل مواجهة أزمة 2008، إلا إنه تم التمسك بها لأنها تضم تجمعا كبيرا قادرا على تحسن ظروف الأسواق الاقتصادية والمالية العالمية.
السعودية والمكاسب
السعودية تعتبر إحدى أهم الدول المستفيدة من القمة الأخيرة التي ستنعقد بالأرجنتين، لأن هذه القمة ترتب على تقليل التوتر من خلال فرض قيود على مساعي الدول لفرض رسوم جمركية في قطاعات تمثل أهمية للمملكة، وخاصة في قطاعات البتروكيماويات والشبيهة بها. فالمملكة تحقق مكاسب كبيرة من جراء اللارسوم أو تقليص معدلاتها.