نوف بنت عبدالله الحسين
(كلما تعلّمت شيئاً...ازددت علماً بجهلي) الإمام الشافعي
العودة لمقاعد الدراسة بعد فترة انقطاع طويلة تعيدك إلى ذلك الطالب الذي كنت عليه في يوم من الأيام حيث تطأطئ رأسك في حضرة المعلم (الدكتور) وتتلّمس الطريق الذي يقودك نحو الجنة، قدسية الجدران والمقاعد، الوجل الذي يصاحب المكان.. والإحساس العميق بمسؤولية مختلفة في فضاء مختلف.
عندما تعود للدراسة برغبتك ينتابك شعور مربك، حيث إن العودة مرتبطة بشبكة لا متناهية من المسؤوليات الحياتية التي لا تنفك أن تتراكض نحوك وكأنها وجدتك أخيراً في وقت لا يناسبك لكنك مضطر أن تتعامل معها كأولويات، وبالتالي تندرج مسؤولية أخرى مضاعفة، فيقل النوم حينها وتزيد عمليات التفكير والتفكر وتكثر التحدّيات والأوراق والأقلام بكل ألوانها والتقنية بكل أشكالها.. وحينها نبدأ التعامل مع التوتر الذي يصاحب كل ذلك بأساليب منوّعة حتى يصبح جزءاً من حياة متناغمة داخل ميادين منوّعة..
القراءات المتعمقة، الكتب الدسمة، الفلسفة المصاحبة، الأدبيات والمقالات العلمية والآراء والأفكار والنظريات والمفاهيم، عمق مختلف تتفتح من خلاله معارف ومعلومات عميقة جداً...
وكلما ظننا أننا تخلصنا من رهبة الاختبار، كلّما عاد ذلك الظلال المخيفة كشبح يباغت مضجعك ويؤرقك إلى أن تتخلص منه ثم تستشعر معنى عبارة (تنفّس الصعداء).. وما بين الشهيق والزفير.. يأتي اختبار آخر يجعلك تقيس قدراتك ومدى تحكمك في لعبة التوتر والرغبة الشديدة في الوصول إلى درجة استحقاق..
يظل هناك بريق مختلف في مكتبة الجامعات.. والأساليب البحثية.. والتعامل مع التحديات.. وخوض النقاشات.. والدخول في حوارات علمية.. والاندماج يأتي تدريجياً.. إلى أن يتمكن منك.. فتجد نفسك حينها قد وقعت في جوه بكل حب واستسلام.. متلذذاً بصعوباته.. مستفيداً مما يواجهك في كل درجات الصعوبة.. إلى أن تستسهله وتعتاد عليه.. ومن ثم تستمتع بالتعب اللذيذ حين ترى نتائج الإنجاز.