د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** سأل - وكان بالإجابة أدرى -: ما الذي ينقص الجيل الشاب اليوم؟ ولعله كان ينتظر إجابةً تشبه ما يعتقده، وكذا نحن عندما نطرح استفهاماتٍ لا معرفة خلفها ولا نتيجة محددةً لها، وهي نقاشات لا تبدو عبثية وإن لم تخلُ من إزجائية استهلاكية تقرر المقرر وتنبئُ عن المعلوم.
** ردّ عليه: إنهم جيل من غير أساتذة تُعوزهم المُثل كما الأمثلة فقادوا كما انقادوا دون أن يَميز الموجِّه من الموجَّه، وسار الركب بهم وبدونهم دون أن يلتفتَ إلى وجودهم أو اختفائهم، ومعظمهم أرقام لا أفهام تتشابه مفرداتهم وتُستنسخ أفكارهم، ولا جديد يُضيفونه إلا قلة منهم، وربما استُهزئ بهذا القليل.
** أكمل إذ أدرك أن الاستفهام التقليدي سيقوده إلى فواصل ذات جملٍ متقاطعة قد تفسر كيف يفوق وسم عابر أذهانًا عامرةً، ولماذا - في زمن الفردية الواقعية - تسهل التبعية عبر العوالم الافتراضية، وهل دنيا الرقم التخيلي أجدى من الكتاب والكاتب والحضور والمحاضرة والإسهام العملي بدلًا من الفرجة النظرية، وهل أصبح الشباب مطايا للأدلجات والبرمجات بعدما ألِفوا المركب السهل وآثروه على المراكب الخشنة.
** أدرك صديقه أن لدى صاحبه ما يضيفه وراق له دور السائل: أترى انفضاض الجماهير عن دربٍ ما عائدًا إلى هشاشة التأسيس وغياب المؤسسين؟ وهل مصدر تنقل « الشبكيين « بين رؤية ونقيضِها انتفاءُ المؤثر القادر على اجتذابهم لساحته ومساحته؟ أو تكون أرقام المتابعة هباءً لا تعني أحدًا سوى المتباهين والمتباهيات بها؟ وما الحل في انصراف الشباب عن الثقافة الجادة والمواقف المبدئية؟ وأين الغد في معادلاتهم، بل ومعاملاتهم؟
** هنا برز استفهام البحث عن «الإنجاز» الذي اختتم به صاحبكم مقال الخميس الفائت «تهويمات ساعة لم تحن ..» فقد كفاه هذا الحوار اليسير عناء كتابة مقال جديد ظانًا أن لو سأل كلُّ شاب نفسه: ماذا أنجز على صُعُد الفكر والقيمِ والعطاء الوطني والإنساني لواجه معضلة في الإجابة، ولو تأمل جادًا: كيف يعمل ليحقق الرضا عن ذاته في هذه الأُطُر لما وجد إليها سبيلا.
** من اليسير أن تصبح كبيرًا: مادةً وشهرةً وحضورًا، ومن العسير بدرجة أبعد أن تترك أثرًا أو تستمتع بتأثير، أما دوائر الفراغ المشغٍلة المتشاغلة فلن تعدوَ أن تكون عجلة زمن متسارع يصل بين العشريني والثمانيني فيتأكد أن الفوارق بينهما عقارب ساعة وأوراق تقويم.
** كتب صاحبكم يومًا أن «الحي يحرك الحياة وليست الحياة ما يحرك الأحياء» ويستثني: إلا من يُسلمون عقولهم ويستسلمون، وسُئل أحدهم: كيف تعرف مواصفات الناجحين أجاب بتجنب سمات الفاشلين.
**الإنجاز إيجاز.