فهد بن جليد
أسوأ أنواع الأطباء هو الطبيب (غير الصبور) الذي تشعر عند زيارته بأنَّه مشغول جداً وعلى عجلة من أمره, ينظر إلى ساعته بكثرة حتى لو لم تجلس عنده إلا دقيقتين أو ثلاث, لتخرج من عيادته وأنت غير مُتأكد ومُطمئن بأنَّه بالفعل شخَصّ حالتك بالشكل الصحيح فهو لا يملك الصبر لسماع كافة أسئلتك وإكمال شكواك, في المرتبة الثانية أعتقد أنَّ الطبيب (غير المُلتزم) بالنصائح والإرشادات التي يقولها لك لن يكون حديثه مُجدياً أو خطته العلاجية مؤثرة, وبعد ذلك يأتي (الطبيب الصامت) الذي يتعامل معك (بالوصفة الطبية) لا غير, فلا يفحصك ولا يُناقشك سيكتب لك العلاج وانتهى الأمر على اعتبار أَّنَّ هذا هو ما يربطكما.. إلى غير ذلك من أنواع الأطباء الذين ستكتشف المزيد منهم كل يوم ومع كل زيارة.
في الصغر كُنت لا أستطيع الكذب على الطبيب وادعاء المرض, لاعتقادي بأنَّه يعلم الحقيقة ويعرف كل شيء, اليوم يفتقد أطفالي الطبيب الأب, ذلك النموذج الرائع الذي كنَّا نُشاهده في مُستشفياتنا ونشعر بأنَّه خبير في كل شؤون الحياة ويعرف عن أنفسنا ما لا نعرف, تعليماته صارمة ومحل ثقة الجميع, فهمه الأول مصلحة المريض بكل إنسانية وأمانة, وليس كمن خلع بالطو الطب وارتدى عباءة التسويق, أو وجد في العيادات الخاصة تجارة رابحة ومصدراً للكسب والتكسب, وكأنَّه رجل أعمال بزي طبيب, وأنا هنا لا أُعمِّم ولا أُلغي وجود الكثير من النماذج الطبية التي نعتز بها.
قبل نحو 5 سنوات اقترحت وضع ضوابط جادة وخاصة لكل من يُريد الالتحاق (بكليات الطب) شبيهة بضوابط واختبارات الالتحاق (بالكليات العسكرية) لأنَّ هاتين الكليتين مصنع حقيقي للرجال الأفذاذ، وكتبت حينها مُحذراً من موضة انتشار الطبيب (أبو قذيلة) في بعض مُستشفياتنا، كناية عن جيل جديد من (أشباه الأطباء) ممَّن تشك أنَّهم قادرون على رؤية الدم بسبب (نعومتهم)، واهتمامهم بمظهرهم أكثر من اهتمامهم بالمريض وحالته, كأنك أمام (نجم هوليوودي) يسير مُمسكاً ( بمق القهوة) مُستعرضاً خطواته, بالكاد يمنحك (نظرة خاطفة), مثل هؤلاء لا يُمثلون سوى أنفسهم فقط، ولا يُمثلون بالنسبة لي مهنة الطب العريقة والعظيمة أو الأطباء الحقيقيين الذين سيبقون مثالاً وقدوة حسنة لنا جميعاً.
وعلى دروب الخير نلتقي.