هدى بنت فهد المعجل
لا يمكن لأي مجتمع أن يتغير اقتصادياً وسياسياً وثقافياً دون أن يملك إرادة التغيير المنهجية، ومثل هذه الإرادة قد تصطدم بالمنظومة المتعلقة بالقيم والتقاليد مما يجعل من القدرة على التغيير والإصلاح شبه معدومة).
(عامر ذياب التميمي/ باحث اقتصادي كويتي)
***
نفي، نفي التغيير اقتصادياً، وثقافياً عن مجتمع لا يملك....
لا يملك ماذا..!!؟
لا يملك إرادة التغيير المنهجية.
لماذا هو لا يملكها..!!؟
لأنها ستصطدم بـ(المنظومة المتعلقة بالقيم والتقاليد)..!!
فهل تلك التقاليد جديرة بأن تصطدم بها الإرادة.. أو تحتك فيها القيم...!!؟؟
- التقاليد فسرها العلماء أنها: الفولكلور، القصص، المعتقدات، العادات، والأعراف السلوكية.. وهي التحرك باتساق مع الآخرين.. كما وهي بنيان تام لا يمكن ولا يجب تغييرها أو تعديلها.. أو ما عليه الطبيعة البشرية الذي يشار إليه بالطبيعة المحافظة، التي هي ميالة للسلوك النمطي، يشخصها «فرويد» على أنها «قهر التكرار».
- أما القيم فيعرّف علماء الاجتماع والتربية القيم بأنها: محكات ومقاييس نحكم بها على الأفكار والأشخاص والأشياء والأعمال والموضوعات والمواقف من حيث حسنها وقيمتها والرغبة بها، أو من حيث سوئها وعدم قيمتها وكراهيتها، أو في منزلة معينة ما بين هذين الحدين.
ويراها بعضهم أنها المعتقدات والأخلاق والتفضيلات والآراء السياسية والمشاعر، الخاصة بشخص أو مجموعة من الأشخاص. فهناك إذاً قيم معنوية وقيم مادية. وقد شرحت معاجمنا العربية القيم المادية، دون المعنوية.
***
ينبغي أن لا يعبر رأي الباحث الاقتصادي دون أن يلتفت إليه أو يناقش ويدرس جيداً.. لأننا أمة تسعى وتستميت في سبيل التغيير الاقتصادي والسياسي والثقافي، حال كافة الأمم المهتمة بشأن مجتمعها ومن ينتمي إليه.. وتعثر التغيير في حجر التقاليد والقيم مؤلم ومخيف ويشعر بالقلق حيال قادم الأعوام.
ولأن الآراء لا نأخذ بها جزافاً فضّلنا عدم التسرع في الحكم عليها.. وفي العمل بها أو تطبيقها..!!
نعم نود التغيير لكثير من الأنظمة.. والقوانين.. والنظم التي في بقائها على وضعها عرقلة لتقدم المجتمع وتعطيل لعجلة الحضارة فلا تدور دورانها الطبيعي، المعتاد مما يترتب على ذلك الشعور بخيبة الأمل وطواف روحنا حول وخز الفشل الدامي.
ويجب علينا أن لا نسأل تغيير ماذا؛ وما من شيء حولنا وأمامنا لا يستحق التغيير، أو ينتظره..!!
كما ولن أكن نرجسية في ذكر ما أود تغييره.. علماً بأن ذكره لن يغير من المنظومة قيد أنملة..!! فلماذا أرهق الحرف بصف الكلمات ونثر الجمل.. طالما أن من بيدهم إمكانية التغيير يدركون أهميته ويتقاعسون عن النقاش في شأنه والتنفيذ.
الكل يؤمن أن القيم والتقاليد قوانين وضعية.. والقوانين الوضعية هي مجموعة من التعاليم والنظم البشرية التي تنظم حياة الأفراد والجماعات والدول.
وهي أنظمة مدنية دنيوية لا غير، فكل أحكامها تتعلق بالظواهر، وكل مرتكزها على قوة السلطة الزمنية، وكل جزاءاتها وعقوباتها منحصرة في الجانب الدنيوي.. إذاً فمن الممكن تغييرها قبل أن تصطدم إرادة التغيير بمنظومة القيم والتقاليد منتهية الصلاحية.. التي لا تواكب ما عليه المجتمع من تقدم وتحضر وانفتاح جمعنا ميممين وجوهنا شطره.