عبدالوهاب الفايز
كما تحقق في الجنوب، في مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية حيث تكتمل مشاريعها العملاقة الثلاثة، المصفاة، والميناء ومحطة الكهرباء باستثمارات تتجاوز 75 مليار ريال.. نمضي الآن بثقة لإنجاز مشاريع مدينة (وعد الشمال) باستثمار يتجاوز 85 مليار ريال، وقد سعدنا واستبشرنا ونحن نرى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، يحفظه الله، يؤسس ويطلق عشرات المشاريع في الشمال التي ستكون، بحول الله، الوعد الحقيقي لتعميق وتوسيع مشاريع الاستقرار الاجتماعي، وبهذا ستكون مناطق الشمال درعًا حصينًا لشمال البلاد، كما هي جازان ونجران وعسير في الجنوب.
هذه المشاريع العملاقة تساهم في توزيع احتياجات التنمية الأساسية بين المناطق، وهو مشروع تبنته الحكومة بقوة منذ عشر سنوات، وكانت بدايته السريعة تأسيس الجامعات بالمناطق، وهذا التوجه بعيد المدى سيكون له الأثر المباشر الإيجابي على تكريس الوحدة الوطنية، فبناء المناطق الحدودية، بالإضافة إلى ثماره الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية، أيضا له التطبيقات عميقة الأثر على (الأمن الوطني وتعزيز الجغرافيا السياسية للدولة).
لذا حينما نقول وعد الشمال.. هو درع الشمال، لأنه مشروع ممتد سوف ينهي فراغ السكان ونقص التنمية في الحدود. الثابت في أدبيات الفكر السياسي والعسكري، المدن الحدودية المكتظة بالسكان والحافلة بالنشاط الاقتصادي تعزز الدفاعات الوطنية للدولة ضد الاختراق الأمني، وترفع تكلفة التهديد العسكري للحدود، وهذا ما نتطلع إليه مع استمرار المشاكل في المنطقة وبقاء الأطماع الإقليمية حاضرة نراها، والمتآمرون على بلادنا يكشفون نواياهم ومشاريعهم!
المشاريع العملاقة في مدن الصناعات الأساسية سوف تستمر في اجتذاب العديد من الأنشطة الصغيرة والمتوسطة الخدمية والمساندة، وبالتالي رفع النمو السكاني عبر (الهجرة المعاكسة)، بالذات عودة الكفات واستيطانها في المدن الجديدة.
وهذا ما يعرفه ويدركه قيادات وزارة الطاقة بمنظومتها الواسعة، فمن تجربة بناء أرامكو ومشاريع الجبيل وينبع، نجد الخبرات البشرية الوطنية القائدة لمشاريع النقلة الصناعية الكبرى تركز جهدها على بناء مؤسسات التعليم القائمة وإنشاء المؤسسات الضرورية مثل المعاهد الفنية، وهذا أكبر عامل لاستقطاب أبناء المناطق القريبة من المشاريع، والقيادات، في مقدمتهم وزير الطاقة م. خالد الفالح وزوملائه، يضعون هدف (التعليم والتدريب) في أولوياتهم، استشعارًا لواجبهم الوطني تجاه الأجيال الجديدة، فهم يرون أن ترقيهم ونجاحهم الوظيفي تحقق، بفضل الله، ثم بالفرصة التي أتيحت لهم للتعلم في أرقى الجامعات والمعاهد في العالم، وهذا من أجمل ملامح التجربة السعودية في بناء الإنسان، القيادات تحرص أن تسلم الراية للقوي الأمين.
وإصرارهم وحرصهم على رفع كفاءة مخرجات التعليم العام والجامعي يعكس إحساس رجل الدولة، وأكثر ما أسعدني في الزيارة الميدانية إلى مدينة جازان الصناعية قبل عام، مع عدد من الزملاء الإعلاميين، هو حرص قيادات أرامكو على جانب التدريب والتعليم، وسمعت هذا الحرص من القيادات في اللقاء مع قيادات وزارة الطاقة مؤخرًا، وهذا يجعلنا نطمئن على مستقبلنا. تكامل التعليم والتربية هو الذي يجعلنا نحافظ على ثرواتنا ونستثمرها بالطرق الصحيحة، بالذات بناء الإنسان. وانطلاقا من هذا الحرص، أتمنى من القيادات دعم جامعة الحدود الشمالية، وتعميق تخصصاتها ودعمها بمراكز الأبحاث والتدريب الفني، نتمنى أن تكون، مع جامعة جازان، نموذج جديد مطور لجامعة البترول.
ونؤكد من جديد: الأمر المهم لمستقبلنا ولتكريس الجبهة الداخلية هو: الاستمرار في المشاريع العملاقة لتكون قاطرة التنمية المستدامة، وأداة لتحريك الاقتصاد وآلية ضرورية لإيجاد فرص العمل، واقتصادنا يحتاج في السنوات القادمة الاتجاه بقوة إلى المشاريع العملاقة في منظومة الطاقة والنقل والإسكان. هذه أفضل وسيلة لـ (التدخل الحكومي) الضروري لاستدامة النمو الاقتصادي، حتى لو تطلب ذلك السحب من احتياطيات الدولة المالية.
المهم استمرار مشروع التحول الاقتصادي، فهذا أفضل رد على المتربصين في بلادنا، وما نراه في منظومة الطاقة يحمل الخير الكثير لمستقبلنا، فالمشاريع العملاقة في العشر سنوات القادمة سوف توجد 1.700.000 وظيفة، مع فرص استثمار للقطاع الخاص بأكثر من ترليون ريال، وهذا (جزء بسيط) من الثروة الوطنية التي بين أيدينا، إذا حسبنا نعمة (الأمن في الأوطان والصحة في الأبدان).