فوزية الجار الله
تتساءل إيزابيل الليندي (متى نبدأ شيخوختنا؟ المجتمع يقول بأنه حين يصبح الإنسان في الخامسة والستين من العمر، حين نبدأ الحصول على الرعاية الطبية، لكن في الواقع نحن نبدأ شيخوختنا منذ الولادة، نحن نشيخ الآن وكل منا يشيخ بطريقة مختلفة، جميعنا نشعر بأننا أصغر من عمرنا الحقيقي ذلك لأن الروح لا تشيخ أبداً، أنا لا أزال في السابعة عشرة من عمري، الشيخوخة عبارة عن موقف، سلوك وصحة) بمعنى طريقتك الخاصة بالاهتمام بنفسك ورعايتها واتباع عادات سليمة فيما يتعلق بالغذاء والرياضة..
تحوي محاضرة إيزابيل الكثير من المضامين الرائعة بصورة تحرضك وتدفعك بمنتهى الحب والامتنان إلى الاستماع إليها حتى النهاية.. تتابع إيزابيل قائلة: معلمتي الحقيقية في رحلة الشيخوخة هي «أولغا موري» امرأة من كاليفورنيا، في الستين من عمرها، عملت في نيبال على إنقاذ الفتيات من العبودية، وحين بلغت الثمانية والثمانين استطاعت إنقاذ 12000 فتاة وقامت بتغيير ثقافة البلد، الآن أصبح من غير القانوني أن يبيع الآباء فتياتهم في سبيل العبودية. كذلك أسست مراكز أيتام وعيادات للتغذية وهي سعيدة دائماً وشابة للأبد..
تقول: فقدت استقلاليتي وهذا ما يخيفني، لكن رام داس المعلم الروحي، الذي أصيب بجلطة دماغية سيئة، كان يراقب التغيرات التي تحدث في جسده بكل رضا وهو ممتن لكل من وقف بجانبه، رام داس يرى أن ماسميته أنا عدم الاستقلالية «بالاعتماد غير المؤلم على الآخرين» وإذا رضيت بالواقع فسيخفف من معاناتك.
تقول إيزابيل: ما الذي اكتسبته في هذه المرحلة؟ الحرية، لم أعد مضطرة لإثبات شيء على الإطلاق، لم أعد حبيسة لفكرة (من أنا) وماذا أريد أن أكون؟! وما الذي يتوقعه الناس مني، لست مضطرة لإرضاء الرجال بعد الآن، فقط الحيوانات! تقولها ضاحكة.. ربما جسدي ينهار، لكن ليس عقلي حتى الآن، أحب عقلي، أشعر بأني أخف عبئاً، لا أحمل ضغينة أو غروراً أو أياً من الخطايا التي تستحق مني التعب، لم أعد خائفة من التعرض للنقد، لم أعد أرى الأمر كنقطة ضعف. واكتسبت روحانية، أصبحت على علم أكثر من قبل بأن الموت بالجوار الآن، هو بمحاذاة الباب أو في منزلي، أحاول أن أعيش بانتباه وفي نفس اللحظة أحاول أن أكون موجودة. التأمل يساعد، من الجيد أن تبدأ في وقت مبكر، كما تعلمون لامرأة مثلي من الصعب أن تشيخ في ثقافة كهذه، في داخلي أشعر بأني جذابة وفاتنة.. كان ذلك عرضاً مختصراً قدر الإمكان لما ورد في محاضرة إيزابيل الليندي الكاتبة الأمريكية الشهيرة، وفي ثقافتنا الإسلامية إضافة إلى ذلك ما هو أجمل، ذلكم هو الدعاء المتضمن حمداً وشكراً مستمراً لله في كافة المواقف على نعمه المتدفقة إلينا بلا انتهاء، هذا الإيمان يمنحنا تصالحاً مع الذات وإحساساً بالآخرين وقدرة لا تُحد على الحياة بشغف.