د. صيتة بنت فهد الغبين
وعد الشمال تلك المدينة الحلم التي تغفو في قلب الحدود الشمالية وتحفها طموحات وتطلعات أجيال قادمة، لم تكن زيارة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده لها وللمنطقة الشمالية زيارة اعتيادية، بل إن هذه الزيارة لن تغيب عن ذاكرة أبنائها وذاكرة الوطن، ستظل ذكراها عميقة لكل مستدرك لماهية التلاحم بين الملك وشعبه، لن أتحدث عن الآثار التنموية المترتبة لهذه الزيارة ولا عن الأبعاد الاقتصادية المستقبلية للمنطقة وأبنائها، ولن أتحدث عن الفرح الذي داعب قلب الشمالي بزيارة مليكه، ولكن سيكون محور حديثي عن جانب آخر لفت انتباهي لبعض المغردين في الساحة وهم قلة ولله الحمد والذين رأوا أن بعض الأحداث التي جرت وتابعناها جميعاً فيه كسر لبروتوكولات الزيارات الملكية وانتقدوا عفوية بعض أبناء الشعب في طرح مطالبهم وعرض احتياجاتهم، وغابت عنهم أبعاد عميقة لهذه الزيارة المباركة لم يدركوها هم وأدركتها فئات الشعب المختلفة. هذه الزيارة التي تعد الأولى لخادم الحرمين الشريفين منذ توليه مقاليد الحكم تأتي في نطاق تفقد القيادة لمواطنيها وتلمس احتياجاتهم والوقوف على المواطن التي تخدم أهالي المنطقة بالدرجة الأولى إضافة إلى ترسية عدد من المشاريع الاقتصادية المهمة، وقد ساهم وعي القيادة الحكيمة في إنجاح هذه الزيارة والخروج بها في صورة فخر لنا نحن السعوديين، فأن يكون لنا قائد يكسر كل البروتوكولات ليسمع شكوى أم مكلومة جاءت ترمي بحمولها بين يديه فيكون لها ما أرادت ويكون مقدم سلمان سلامة لها ونجاة لابنها من القصاص هو ما يفتقده الآخرون، وأن تُكسر كل البروتوكولات لإجابة نخوة فتاة عربية أدركت بأن سيد العرب هو ملاذها وحامي استجارتها وبأنه لن يمنع صوتها من الوصول له أي حراسة أو تنظيم لذا أطلقت صرختها (نخيتك) وكان لها ما أرادت، وأن تكسر كل البروتوكولات لتحقيق أمنية قلب صغير لطفله لم ترد من مواسم الفرح إلا أن يعرج مليكها بزيارة لمدينتها، فكانت لها الرؤية والاحتضان والزيارة وذكرى خالدة لديها بأن قلبها الصغير كان في حضرة قلب الملك، وأن تكسر كل البروتوكولات لنرى الجانب الآخر لملك العزم والحزم، وجه الحنو والعطف والرحمة والأبوة والشهامة العربية التي ليست جديدة ولا غريبة على سلمان العزم ولكن هنا اقتربنا منها أكثر، أن يحدث كل هذا في لحظات متتالية هو مصدر فخر لنا نحن السعوديون ومصدر عزة ومصدر ثقة بقيادتنا وصفعة قوية في وجه كل من أراد التشكيباللحمة الوطنية والتلاحم القوي بين القيادة والشعب وجاءت الصورة الجميلة التي آذت أبصارهم حينما ارتمى الشعب بعفوية في حضن الملك الذي دثره بعباءته.
هذه الزيارة الكريمة وما صاحبها من أحداث جميلة لأبناء المنطقة بشارة خير بأن على أرض وعد الشمال ستتحقق كل الوعود والطموحات المنتظرة وبأن أيام الخير والبركة قادمة على هذه المنطقة الغالية من وطننا وستحمل بعداً اقتصادياً وثقافياً وعلمياً كبيراً متوافقاً مع أهداف رؤية المملكة 2030.