عبد الرحمن بن محمد السدحان
- سئلت ذات يوم:
تعلمت عشق الحرف والقراءة.. ومسامرة القلم. فما حكاية هذا العشق.. وكيف نما وترعرع رغم كم المشاغل؟
فقلت:
ولد عشق الحرف في وجداني أيام كنت ابن التاسعة أرعى الغنم في سفوح الجبال المتاخمة لدار جدي (لأمي) طيب الله ثراهما بجوار مدينة أبها التي ترفض تجاعيد الزمن وآهات العمر، جاء هذا العشق بعد أن تخطّيْتُ بوابة الهجاء. والرسم على الورق بالحروف الأولى. ربما تسلّل عشق الحرف. إليّ خلسة عبر جدار الصمت في أحضان الجبال، وقد يكون قبسًا أشعله في خاطري عزف حوافر الأغنام من حولي، مترنمة بحب الزاد، لست أدري! وقد يكون الخوفُ من الكلام وأنا صغير في حضور الكبار من الأهل أو الزائرين قد أرغمني على البحث عن بديل له، فكانت الكتابة. في بدايتها وبدائياتها هي ذلك البديل. ومرة أخرى أكرر: لست أدري!
* * *
- وأمضي إلى أكثر من ذلك فأقول: إن ظاهرة ممارسة (الصمت) في بعض اللقاءات بتحريض من تلك الظاهرة الطفولية التي أحكمت سيطرتَها عليّ حتى غدتْ في ظلال براءة الطفولة (طبعًا) لا يكاد ظلها يغادرني إلاّ لمامًا! وقد يكون سبب ذلك إيماني بأن من آداب الحديث أن تقول خيرًا يُفهم. أو فاصمت!
* * *
- أعود إلى موضوعي فأقول باختصار، (ولدت) كتابةً وفي يدي (ريشة) كنت أصنعها من قصب الخيزران. وأغمسها في مسحق الفحم المبلّل بالماء الذي كنت ألجأ إليه في غياب المداد الحقيقي، الذي لم أكن أعرف إليه سبيلاً! ثم نَمَوتُ ونما العشق معي، وحين تجاوزتُ المرحلة المتوسطة، شَعرتُ ولأول مرة بفتنة الكلام على الورق، فكانت (المراهقات) الأُوَل عبر (كراسة) الإنشاء. ثم قفزت بي الفتنة إلى صفحات جريدة (القصيم) المحتجبة منذ سنين، وكانت هذه أجمل بداية!
أخيرًا لم يشغلني العمل يومًا. ولا ألهتني تكاليف العيش عن الكتابة، ولن يشغلني عنها شاغل بإذن الله، فهي عشقي. وهي قدري!