من الناس من يُتأثر لفقدهم, لما لهم من جهود نافعة في خدمة المجتمع, ولما لهم من أخلاق فاضلة حازوا به سبقاً ومكانة, ومن جملة أولئك الشيخ صالح بن سليمان الزكري -رحمه الله- رئيس مركز حوطة سدير السابق, والذي كانت له يد في تطوير مدينة حوطة سدير حيث عمل لها خمسة عقود, فانعكس ذلك التطور على بلدان سدير المجاورة, ذلك أنَّه رجل عصامي في جهوده وأعماله, كريم بضيافته وجاهه, متواصل مع الناس, يزور كبار السن, ويعرف قدرهم, ومن جملة من كان يزورهم الجد مشاري بن سليمان -رحمه الله- وهذا من وفائه وحسن صفاته, وقد كنت أصحب والدي -رحمه الله- للسلام عليه في الأعياد فيحتفي به احتفاء المحب, ويسأل عن الأسرة ويدعو إلى زيارته, كما هي حاله مع الغير, فأحبَّه الناس, لما يمتلك من صفات طيِّبة, وعرفوا له قدره ومنزلته فأكثروا ثناء عليه وذكراً لمآثره ودعاء له.
ولقد كان كثير من الأهالي يتوافدون إلى مجلسه في العيد للسلام عليه من الحوطة وغيرها من بلدان سدير, جمعهم إلى ذلك محبته التي استقرت في قلوبهم, وما كان ذلك ليكون إلا لمحبته وتقديره لهم - رحمه الله - وفي عيد الفطر عام 1439 ذهبت لسلام العيد عليه كالمعتاد فلم أره فسألت عنه, وأُخبرت أنَّه مريض, لا حجب الله ما كان من دعاء له, ولم يزل مريضاً إلى أن مات -رحمه الله- ففقدت سدير بموته علماً من أعلامها ووجيهاً من وجهائها, خلَّف أبناء فضلاء على رأسهم رئيس مركز حوطة سدير الأستاذ فهد -حفظه الله-.
ولئن مات الشيخ صالح فإنَّه لا يزال حيَّاً في القلوب بسيرته العطرة, تلك السيرة وذلك التاريخ الحافل بالأعمال الذي يستحق أن يدوَّن في كتاب. توفاه الله يوم الجمعة 08 / 03 / 1440هـ وصلي على جنازته بعد صلاة عصر الغد في جامع الحسينان بحوطة سدير الذي امتلأ بالمصلين, ودفن في مقبرة حوطة سدير, وشهد دفنه في المقبرة خلق كثير, ورثاه بعض الشعراء, فأحسن الله عزاء أبنائه وبناته وزوجته أم فهد وأسرته وأهل سدير, وجبر الله المصاب في فقده, وغفر الله له وأدخله الجنة, ورفع درجته فيها, وإنَّ لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده لأجل مسمى.
** **
عمر بن عبدالله بن مشاري المشاري - خطيب جامع بلدة الداخلة في سدير