خالد بن حمد المالك
ما إن أعلن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية عن تمسك بلاده بالعلاقات التاريخية مع المملكة العربية السعودية، بوصفه -كما قال- أن هذه العلاقة تخدم أمريكا وإسرائيل، حتى تلقف الإعلام المعادي للمملكة هذا القول على عواهنه، واعتباره وكأن المملكة ضد قيام الدولة الفلسطينية، على الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967م وعاصمتها القدس، متناسين أن الرئيس ترامب قال هذا لدواع انتخابية، ولتمرير رأي يلقى الترحيب لدى المجتمع الأمريكي، حتى ولو كان غير صادق بذلك.
* *
لكن قناة الجزيرة، وجدت في هذه المعلومة التي تخص الشأن الداخلي في أمريكا، ضمن لعبة الانتخابات، فرصتها لتحسّن صورة قطر من دورها المشبوه بالنسبة لقيام الدولة الفلسطينية، أو لتخفف -على الأقل- من وطأة الثابت عليها في التآمر على القضية الفلسطينية، فراحت القناة تردد ما هو غير ثابت على المملكة، وتتجاهل ما هو ثابت مما هي غارقة فيه قطر حتى الثمالة في تآمرها على القضية الفلسطينية.
* *
فالمعلوم عن المملكة أنها صاحبة إطلاق المبادرة العربية لإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وهي الداعم الأول مالياً للفلسطينيين، وهي من ترفض تجنيسهم للإبقاء على الهوية الفلسطينية، حتى لا تذوب القضية بسبب تخلي الفلسطينيين عن المطالبة بحقهم المشروع في دولة عاصمتها القدس جنباً إلى جنب مع دولة إسرائيل، وكان آخر ما أكّدت عليه المملكة في مواقفها التاريخية الثابتة من القضية الفلسطينية ما كرَّره الملك سلمان في خطابه أمام مجلس الشورى منذ أيام عن إصرار المملكة على تمسكها الثابت بإقامة الدولة الفلسطينية المنشودة.
* *
يقابل ذلك، أن قطر وعلى مسافة قريبة من مقر قناة الجزيرة تستضيف في الدوحة مكتب التمثيل الإسرائيلي - أي السفارة الإسرائيلية بمسمى مختلف - في قطر، وعلى مسافة أخرى غير بعيدة هناك توجد القاعدة الأمريكية العسكرية التي من أولى مهامها حماية إسرائيل، والمحافظة على بقائها في خاصرة المنطقة باحتلالها للأراضي الفلسطينية، فضلاً عن الزيارات المتكرِّرة للوفود بين تل أبيب والدوحة، والتمثيل الرياضي ضمن هذا التعاون، وقيام قطر بخلق سلطة مستقلة في غزة موازية للسلطة الشرعية لإذابة أي حق للفلسطينيين في دولة لهم على أراضي ما قبل حرب 1967م.
* *
وبعد كل هذا تأتي قطر لتروِّج وتسوِّق لكلام أدلى به الرئيس ترامب، وهي تعرف أنه للاستهلاك الأمريكي المحلي، وأن تسويق ذلك يأتي متزامناً مع الحملة الإعلامية الأمريكية الشرسة ضد الرئيس، مع أنه (بالتأكيد) لم يكن يقصد أن أمريكا تحتاج إلى المملكة خدمة لمصالح إسرائيل، لأن الثابت في مواقف المملكة أن فلسطين هي القضية الأولى والرئيسة في سياسة المملكة منذ عهد الملك عبدالعزيز وحتى الآن وإلى ما شاء الله.