إبراهيم عبدالله العمار
في نوفمبر من عام 2018م رأيت مقابلة للمصارع جيك روبرتس المعروف بلقب الأفعى، وهو من أشهر من دخلوا حلبة المصارعة على الإطلاق، اشتهر في الثمانينات الميلادية وأبرز ما عُرِف به أنه يأتي بحية كبيرة معه، وتكلم في هذا اللقاء عن حياته المأساوية المليئة بالمعاناة والمخدرات ومحاولات الانتحار، وجذب انتباهي تركيزه على ضرر الكحول عليه، فكان يروي كيف أفسدت حياته وحولته إلى شخص مضطرب عدواني بغيض، ولا أستغرب من كلامه، فقد نشرت صحيفة Lancet دراسة طبية وجدت أن الكحول أضر مادة على الإطلاق، فاقت المخدرات في ضررها على الشخص وعلى الآخرين.
هل تعجبت؟ رغم بشاعة بعض أنواع المخدرات - خاصة الهيروين - فإن الكحول أضرُّ منها، فبعض المخدرات تضر متعاطيها مثل المواد التي تنتمي لفئة المهدئات، فتطفئ طاقة المتعاطي وتجعله ينعزل، ومخدرات أخرى تضر الآخرين أكثر فتجعل الشخص هجومياً مرتاباً مثل الكوكايين، أما الخمر فتجمع الاثنين كليهما (أي شديدة الضرر على شاربها وأيضاً على الآخرين)، فأما ضررها على النفس فمن ذلك تدمير الكبد، والوفاة في حادث سيارة، والتهاب البنكرياس، وأنواع عدة من السرطان، والجلطة وارتفاع ضغط الدم والسكتة. ولا تظن أن هذه تحصل فقط للمفْرطين في الشرب والمدمنين، فقد وجدت الإحصاءات أن أكثر الوفيات في من يشربون باعتدال. بل إن الخمر يمكن أن تسبب السرطان حتى لو شُرِبَت بكميات ضئيلة مثل 3 كؤوس في الأسبوع.
أما ضررها على الآخرين والمجتمع ككل فواسع، فحوادث السيارات بسبب الخمر كثيرة، ويُقتل كل سنة عشرات الآلاف حول العالم بسبب المخمورين، غير من يصابون بالشلل والاحتراق والغيبوبة والتشويه وقطع الأعضاء بسب تلك الحوادث. الكحول يقتل أكثر من 2 ونصف مليون إنسان سنوياً، أكثر من الملاريا أو السل أو الإيدز، حسب جامعة كمبريج، وتقول منظمة الصحة العالمية إن 1 من 5 أشخاص يموت في روسيا وأوروبا الشرقية بسبب القيادة السكرانة وأمراض القلب وتشمع الكبد وأحداث العنف وسرطانات عدة.
عودة على قصة البداية، يروي جيك روبرتس قصته بسعادة الآن، لأنه تخلص من إدمانه للمخدرات والخمر بعد عشرات السنين من استخدامها اليومي، وهو من القلة المحظوظة التي استطاعت النجاة!