فهد بن جليد
تأخر اكتشاف الإصابة بالتصلب المتعدد (اللويحي)، وعدم تشخيص أعراضه وعلاماته بالشكل الصحيح منذ البداية، يجعلنا نفقد شخصاً سوياً في مجتمعنا ونحوِّله إلى (معاق)، بينما المرض في الأصل قابل للتعايش معه كمرض مزمن مثل السكري والفشل الكلوي وغيرهما، خصوصاً أنَّه يصيب الأشخاص في فترة الشباب والعطاء ما بين سن الـ18-40 سنة، واحتمال إصابة النساء به ضعف احتمال إصابة الرجال.
المشكلة تجاوزت المجتمع المحيط - هذه المرَّة - ليتسبب جهل بعض الأطباء بتطور أعراض وعلامات الإصابة وتداخلها مع تخصصاتهم، في التشخيص الخاطئ والاكتفاء بعلاج الآثار الأولية البسيطة، دون البحث عن الأسرار الكامنة خلف تلك الأعراض، وهي القصص التي ساقها كثير من المرضى في تجارِّبهم التي استعرضوها أمامنا في مؤتمر (هو إيه الحكاية)؟ فطبيب العيون عندما يأتي إليه مريض مصاب بغبش في العينين أو إحداهما، يصرف له علاجاً لحل مشكلة العين، ولا يبحث عن سبب المشكلة الحقيقية الذي يخفي خلفه إصابة محتملة، لن يتم اكتشافها إلا بالأشعة وطبيب المخ والأعصاب، وهو ما يحدث عند زيارة أطباء آخرين بسبب كثرة السقوط والاتزان والتنمل وضعف العضلات.. إلخ، لذا يراهن المجتمعون على أنَّ إحاطة الأطباء بعلامات المرض يسهم في تخفيض آثاره بالتدخل المبكر، والاستعانة برأي طبيب متخصص في المخ والأعصاب عند ظهور العلامات التي ذكرنها في مقال - يوم أمس- والأمر نفسه ينطبق على استهانة الأشخاص بمثل هذه الأعراض البسيطة وعدم البحث عمَّ وراءها.
الجانب المبهج في الحكاية أو القصة المستمرة أنَّ هذا المؤتمر الأول من نوعه الذي جمع الإعلاميين بالمرضى والأطباء وجمعيات الرعاية هو نواة لحالة جديدة من الوعي والتوعية الإعلامية والمجتمعية لصالح المصابين في كامل الوطن العربي، إذا ما علمنا أنَّ أكثر الجمعيات اهتماماً بمرض التصلب في السعودية ومصر، أساسها في الأصل (مصابون بالمرض) ليحوِّلوا معاناتهم إلى نافذة أمل جديدة، بتوفير النصح والمشورة والدعم المعنوي والمادي للمصابين الجدد وعائلاتهم، ولفت الانتباه لقضيتهم عند الأطباء والممَّارسين في العيادات، وأرباب العمل، وكافة شرائح المجتمع، وتوفير الأدوية والدعم العلاجي الطبيعي، المساحة لن تكفي هنا للحديث عن كل شيء حول التصلب المتعدِّد أو اللويحي، ولكنَّها محاولة لمشاركة هؤلاء همومهم وعالمهم والمواقف التي يتعرضون لها من المجتمع نتيجة عدم فهم طبيعة مرضهم وآثاره أو كيفية التعامل معه، فنحن جميعاً عرضة للانضمام إليهم ذات يوم.
وعلى دروب الخير نلتقي.