محمد سليمان العنقري
تعقد بنهاية الشهر الحالي مجموعة العشرين قمتها في الأرجنتين لتناقش قضايا مستقبل العمل والبنية التحتية للتنمية والمستقبل الغذائي المستدام وتنظيم العملات الرقمية بحسب ما ذكرته بعض الدول المشاركة لكن هذه القمة تلتئم أيضاً وسط حالة من القلق حول مستقبل نمو الاقتصاد العالمي لأسباب عديدة باتت عامل ضغط كبيراً على كاهل بعض دول هذا المنتدى الذي يضم أكبر عشرين اقتصاداً عالمياً وعدد سكانها يمثل نحو ثلثي سكان العالم وتستحوذ على قرابة 80 في المائة من حجم التجارة الدولية.
ففي الاجتماعات التي عقدها البنك وصندوق النقد الدوليان وحضرها وزراء المالية بالعديد من الدول قبل أكثر من شهر بإندونيسيا حذر صندوق النقد الدولي من مخاطر تراجع النمو بالاقتصاد العالمي مخفضاً توقعاته لهذا العام والعام المقبل من 3، 9 إلى 3، 7 في المائة مبيناً أن الحرب التجارية بين الدول الكبرى خصوصاً أمريكا والصين إضافة لرفع أسعار الفائدة وما تسببه من ضغط على الأسواق الناشئة إضافة لضعف أداء اقتصاديات منطقة اليورو واليابان وبريطانيا، مما يعد تحدياً كبيراً ومنعطفاً مهماً أمام قادة مجموعة العشرين للبحث بالقضايا التي باتت هي ما يشكل الخطر الأبرز على الاقتصاد العالمي.
فمن المنتظر أن يلتقي الرئيس الأمريكي برؤساء الصين وروسيا إضافة لقادة أوروبيين مما سيشكل فرصة مهمة جداً لبحث مشكلة الحرب التجارية والسبيل لإيقافها، فالحمائية كانت حاضرة دائماً بقمم العشرين السابقة لمنع استخدامها خلال سنوات معالجة الأزمة المالية العالمية لكنها الآن تعود ومعها أيضاً حرب عملات خفية مما ينذر بمخاطر على الاقتصاد العالمي.
فالأنظار ستكون مركزة على الأجندة الخاصة التي ينتظر نقاشها بين الدول الكبرى تحديداً أمريكا والصين وسط أجواء سلبية تطغى على الأسواق المالية والسلع بالعالم فموجة التراجعات فيها مستمرة منذ أسابيع وسط حالة ضبابية وعدم يقين حول ملفات الحرب التجارية التي تمثل الخطر الأكبر حالياً للاقتصاد العالمي فما زال هناك توقع كبير بأن تجد هذه الملفات الحل باللقاءات الثنائية بين قادة تلك الدول لأن الضرر سيعم الجميع إذا لم يتوصلوا لحلول مناسبة توقف هذه الحرب التي تتصاعد منذ عدة شهور دون توقف.
قمة ملتهبة ستعقد بالأرجنتين ولعلها الأهم من بين كل قمم مجموعة العشرين السابقة لأن الاقتصاد العالمي على مفترق طرق ولا خيار إلا بالتوافق والحلول لايقاف الحرب التجارية بين الدول الكبرى فمن شأن استمرارها تراجع نمو الاقتصاد الدولي وانخفاض التجارة البينية والطلب على السلع ومن أهمها النفط إضافة للضغط على أسواق المال والدخول بموجات من المضاربات السريعة التي سترفع من حدة التذبذب بالأسواق وتخلق عدم استقرار فيها وعزوف عن الاستثمار وزيادة بنسب التحوط بالملاذات الآمنة التقليدية.