د.عبدالعزيز العمر
أثناء عملي في التعليم العام زرت مدرسة ثانوية بريطانية، اصطحبني مدير هذه المدرسة في جولة على مبانٍ وتسهيلات مدرسته، وكان مما لفت انتباهي أثناء هذه الجولة أن الطلاب كانوا في الممرات يلقون التحية على مدير مدرستهم، وكان المدير يرد تحيتهم بأحسن منها، ولقد تعجبت كيف يتذكر المدير أسماء طلاب مدرسته. خلال جولتنا في ممرات المدرسة انحنى المدير مرتين ليلتقط من الأرض قصاصتي ورق لم أكد أن أراها. أثناء تجوالي في المدرسة عجبت كثيرًا من الهدوء المطلق في ممرات المدرسة وفي مكاتبها، لكن يجب أن أقول لك عزيزي القاري إنه كان يحدث على الضفة الأخرى (في الفصول) صخب من نوع محبب إلى قلوبنا نحن التربويين، أنه ضخب التجريب والنقاش والحوار والتواصل العلمي المعرفي بين المعلم وطلابه وبين الطلاب أنفسهم. دخلت أحد الفصول وشاركت الطلاب حوارهم (باعتبار أن موضوع الدرس كان في مجال تخصصي)، لقد ذهلت من مستوى الحوار الراقي علميًا وأخلاقيًا ولغويًا بين المعلم وطلابه. لم يكن المعلم يقمع أي مبادرة أو أي وجهة نظر تأتي من طلابه، بل لاحظت أن الطلاب كانوا يتمتعون بالمناخ الحواري الديموقراطي، وبمساحة كافية من الحرية ليبدوا وجهات نظرهم دون خوف أو خجل. وفي نهاية الجولة أخذني مدير المدرسة إلى أحد مباني المدرسة، وكان هذا المبنى شبه مدمر بفعل غارة جوية حدثت أثناء حرب عالمية كانت بريطانيا طرفًا فيها. من المؤكد أن ما رأيته في تلك المدرسة الإنجليزية كان يومًا ما حلمًا يداعب وجدان ومشاعر قيادات التعليم في ذلك البلد، لم ألاحظ أنهم كانوا مشغولين بتسمية الرجل الأول في المدرسة (مدير أم قائد). من حقنا نحن التربويين السعوديين أن نحلم مثلهم، لكن على (البكائين) أن لا يتهمونا بالتنظير. في لقائنا القادم سأوري لكم تفاصيل حلمنا نحن التربويين، وهو حلم لا يحتاج إلى مفسر.