د. خيرية السقاف
خرج من المسجد بعد صلاة الفجر، في طريقه إلى المخبز، رجل رث الثياب، بائس الوجه، يتضور جوعًا، وعطشًا، يئن من فرط بؤسه،
اقترب منه، والذي فعله أن أخرج كل ما في جيبه، ووضعه في كف الرجل دون أن يتوه بكلمة واحدة، ومضى نحو اتجاه بيته.
خلف بابه كان هناك صغاره ينتظرون الرغيف،
الرغيف الوحيد الذي تعوَّد أن يقتسموه في الصباح..
* * *
أغلق التلفاز حانقًا يردد بأعلى صوته غاضبًا كاذبون، كاذبون، كل المتنمرين جبناء،
التفت لمن يده وُضعت فوق كتفه،
زوجته تسأله أن يرحم نفسه من الحنق،
أبعد يدها عن كتفه بقوة، ينهرها:
ألم أقل لك لا تتدخلي، ابتعدي، ودوي صوته يصك الآذان،
وهي على الأرض تحاول الجلوس،
بصوتها الهادئ قالت له:
لست مختلفًا عنهم.
* * *
بعض القصص لوحات لطبيعة ليست في كل الحالات مبهرة الجمال
بل قد تكون غاسقةً في وَقَب الظلمة، موغلةً في جُبّ الآحزان..
ليست رسمًا من خيال..
ولا فكرة عبرت بمبدع..
ولا محاولة لزخرفة الواقع، أو استلابه جمالاً فيه..
بعض القصص صوتٌ جهوريٌ لحقائق في الكمون
كما العشب تنمو في عمق التربة
ثم تتمخض عن الشقوق..