علي الخزيم
خلال الأيام القليلة الماضية شاهدت ثلاثة مقاطع ليست هي الأولى ولن تكون - برأيي - الأخيرة التي تتحدث عن القصيم وأهلها؛ إشادة ومديحاً واطراءً بما شاهده وعايشه أصحاب المقاطع والرسائل الإلكترونية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فكل منهم ينقل ما شاهده خلال زيارته للمنطقة أو بعض مدنها، وكل منهم يؤكد أنه لم يُكمل المتعة بالتجوال بكثير من المدن والقرى الزراعية والمشروعات الحضارية التي سمع بها ولم يسمح له الوقت المحدد للرحلة أن يشاهد الكثير منها، ذلكم أن أغلب المتحدثين كانوا ضمن فريق عمل يمضي أكثر الوقت في المهمة التي جاء من أجلها، وهذا ما يدعو لأن تخصص الجهة المسؤولة برنامجاً يُتفق عليه مع الجهات ذات العلاقة بجهة المغادرة والجهة المُنِظمة المُستقبِلة بالقصيم، لإتاحة الفرصة لأكثر الوفود الزائرة وإن كانت بمهمات رسمية أن تستمتع بجولة مُجدولة مُرتَّبة يطَّلع خلالها الزوار على ما يحقق لهم المشاهدة الممتعة على معالم النهضة التنموية بالمنطقة الناهضة الواعدة، التي أضحت محل إعجاب الكثير من شرائح المجتمع السعودي بل والعربي والأجنبي ممن سمعوا عن أهل القصيم ومثابرتهم وجَدِّهم بالعمل.
أستاذ جامعي أمريكي فهم مني (منذ زمن) أنى أسكن بالإيجار فسألني: لماذا لم تشتر منزلاً؛ ماذا تفعل بمدخراتك؟ قلت إنها تعمل بالسوق التجاري، فرد ضاحكاً: هل أنت من القصيم! وحدثني مسؤول بالقصيم أن وفداً عالياً من جهات مهمة متعددة زار القصيم ذات يوم بمهمة عمل فأصروا أن يشاهدوا المدينة الصحية الأولى بالمملكة (البكيرية)، وكان لهم ذلك في استقبال احتفالي أقامته لجنة أهالي المحافظة وكبار المسؤولين فيها، وكما سمعت أن فداً مماثلاً كان بمهمة لها علاقة بالآثار والسياحة فطلبوا بشغف أن يزوروا مدينة الرس والاطلاع على ما بها من أبراج وقلاع وأماكن تاريخية لها شواهد على قيام المملكة وتوحيدها، فمما شاهدوا برج الشنانة ومقبرة الأبطال شهداء معركة طرد الترك الغزاة من الرس وما جاورها.
أعود للمقاطع الآنف ذكرها فهي تتحدث عن الانضباطية عند سكان القصيم من حيث حب العمل والتجارة والزراعة وأنهم قلما يعتمدون على أجنبي، وركزوا على امتداح الشباب الصغار ممن انخرطوا بالتجارة وإن كانت بدايات بسيطة، وهم لا يعلمون أن القصيمي يشعر بالعيب إن كان أولاده بلا عمل، فهي (جينات) متوارثة لا يستطيعون الانفكاك عنها منذ قرون، كما نوَّه المتحدثون بنظافة الشوارع والمطاعم وأسواق الخضار والجهود البلدية والصحية وغيرها بهذا الاتجاه، ودعوا البلديات الأخرى للاحتذاء بهذا النهج الرائع والانضباط بالأسواق كأسواق التمور والخضار والفاكهة والرقابة الصارمة عليها، كما نوهوا بالمشروعات الابتكارية كاستزراع الأسماك والروبيان، والنجاح بزراعة فواكه بغير بيئتها كالفراولة بالبكيرية والمانجو ببريدة والحمضيات بالرس وغير ذلك من مشروعات لافتة للانتباه أبدع بها أهالي القصيم، والحديث بذلكم يطول.
المهم هنا الذي أود أن لا يغيب عن أهالي الديار المباركة التي منحها الله الطبيعة الخصبة ومنح أهلها طيب الخصال والشجاعة التجارية والفكر الاقتصادي؛ أن لا يكتفوا بهذا المستوى من التألق، فالنجاح يقود لنجاحات مبهرة.