سعد بن عبدالقادر القويعي
بعد تحقيقات استمرت لأكثر من شهر مع فريق الجريمة، والتحقيقات التي أجرتها النيابة العامة مع الموقوفين في قضية مقتل المواطن جمال خاشقجي -رحمه الله-، والبالغ عددهم واحداً وعشرين موقوفاً، وإقامة الدعوى الجزائية بحقهم، وإحالة القضية للمحكمة، مع استمرار التحقيقات مع بقية الموقوفين؛ للوصول إلى حقيقة وضعهم، وأدوارهم، فإن المعطيات الحقيقية للجريمة من خلال الاعترافات المتوافرة، التي أضفت على الاتهامات الموجهة للمشتبه بهم الصدقية -القانونية والجنائية-، دليل أكيد على توافر الإرادة الحقيقية لمعاقبة الجناة، والاقتصاص منهم. كما أنه دليل واضح على التقاء المملكة مع كل الجهات التي تريد تحقيقاً مهنياً في هذه القضية، الذي تمثل في شجاعة الاعتراف، وحكمة التصرف.
الشفافية الكبيرة التي أظهرتها النيابة العامة، ومحاسبة أي مقصر كائناً من كان، والتعامل مع أي تقصير، أو خطأ، خصوصاً إذا كان يمس ابناً من أبناء الوطن بشكل شامل، وحازم، ومهما كانت الظروف، وبغض النظر عن أي اعتبارات، دليل على أن السعودية دولة مؤسسات، سوف تبقى دائماً على تحري العدالة، والقيم، والمبادئ الإنسانية، وسيبقى مواطنوها ينعمون بالأمن، والأمان، والحصول على كافة الحقوق التي كفلتها الشريعة الإسلامية، والتي يستمد الحكم في المملكة أساسه منها، ولا عزاء حينئذ للمتربصين، والحاقدين.
بعيداً عن الاتهامات السياسية، فقد توعد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للمتورطين في كلمته التي ألقاها في جلسة مؤتمر مبادرة الاستثمار في الرياض، عندما قال، إن «المملكة تقوم بكل الإجراءات القانونية للوصول إلى نتائج، وأن المسؤولين عن الجريمة سيلقون العقاب الرادع، وأن العدالة ستسود في النهاية»، هو ما يميز سياسة المملكة بالوضوح، لا سيما في مسائل حقوق الإنسان؛ باعتبار أن النظام الذي تحكم به، والمتضمن المبادئ، والأحكام القائمة على حماية، وتعزيز حقوق الإنسان، التي تمثل مرجعية مطلقة سبقت غيرها بقرون، تزيد عن الأربعة عشر قرناً، وشاملة جميع الأسس التي يقوم عليها احترام الإنسان، وتكريمه، الذي يعد سابقة جميع المرجعيات الأخرى.
من أجل كشف الحقيقة في إطار هذه القضية، ووصولاً إلى استعدادها للتعاون في التحقيقات، وفي عقاب كل من يتأكد تورطهم في الجريمة، التي انعكست في القرارات النزيهة، والشفافة، فقد قالت السعودية كلمتها، وقطعت الطريق أمام المتربصين، وحددت المدانين، والتزمت السلطات بإبراز الحقائق للرأي العام، ومحاسبة جميع المتورطين، وتقديمهم للعدالة بإحالتهم إلى المحاكم المختصة، مع إيقاع أقصى العقوبات على المتورطين الأساسيين، أو من شاركوا في العملية، والمطالبة بقتل من أمر، وباشر جريمة القتل منهم، وإيقاع العقوبات الشرعية المستحقة على البقية.