أ.د.عثمان بن صالح العامر
جال في خاطري وأنا أستمع لخطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز السنوي ظهيرة افتتاح أعمال السنة الثالثة من الدورة السابعة لمجلس الشورى، خاصة حين جاء -رعاه الله- على ذكر مَواطن الجرح الغائر في وطننا العربي، بدءًا من القضية الفلسطينية، مرورًا بالعراق وسوريا ثم اليمن.. أقول: جال في خاطري حلم (وحدة العرب) الذي كان أمنية جيل السنوات التي أعقبت سقوط الدولة العثمانية، وبزوغ نجم الحركة الطورانية التركية كما هو معلوم. واستمر هذا الحلم مع البعثيين ومن بعدهم الناصريون والقوميون العرب، ومَن صفق لهم وناصرهم من المحيط إلى الخليج، وكان مصيره التلاشي والانتهاء كما هو معلوم. والسبب الرئيس -في نظري- هو غياب المرجعية الصحيحة، والتنازع والتناحر بين التيارات العروبية التي ترفع شعارات واحدة، وتختلف حيال مضامينها، أو أنها أصلاً بلا مضمون واضح وصحيح.
سبب تقليبي وجوه النظر في هذا الطرح الذي عفا عليه الزمن أننا في المملكة العربية السعودية التي كانت تُنعت من أولئك القوميين بالدولة الرجعية هي -بفضل من الله، ثم بوجود قيادة حكيمة واعية ومتزنة- مَن بقي بمنأى عن الجرح الذي ما زال يثغب بالدم، وهي مَن يتكلم اليوم عن الجرح العربي هذا، ويقف كالجبل الأشم شامخًا راسخًا قويًّا في وجه أعداء العروبة والدين.. كما أنه المؤمل عليها -بعد الله- تحقيق هذا الحلم الموءود الذي دغدغ مشاعر الملايين الشعبية سنوات من العمر طويلة كما هو معلوم، ولكن مع اختلاف في المرجعية، وتبايُن في الكيفية والأهداف كما هو واضح في ثنايا هذا الخطاب الملكي الكريم.
تصورت اللحظة التي تنتهي فيه مآسي هذه الدول العربية، وتجلس مع بقية دول عالمنا العربي الأخرى وقد أدركت حجم التحديات التي تواجهها جميعًا، ووعت جيدًا ما جرى فيها ولها من عدوها الحقيقي وصديقها الدائم الذي يقف معها حين المحن، ووعت في الوقت ذاته ما هي مرجعيتها الصحيحة التي يجب عليها الأخذ بها، ووعت أهمية التوحد والتكاتف والتعاون العربي لمواجهة أعدائها، خاصة النظام الإيراني الذي يريد أن يمزق الوطني العربي، ويستولي عليها؛ فهو كما قال عنه خادم الحرمين الشريفين: «دأب منذ ما يقارب أربعة عقود على التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ورعاية ودعم قوى الإرهاب في المنطقة. وهذه الأفعال الإجرامية التي تنتهك أبسط قواعد حسن الجوار والمواثيق والأعراف الدولية تُضاف إلى سجل النظام الإيراني المعروف بإثارة الفوضى والخراب في العديد من دول المنطقة. وقد آن الأوان لهذه الفوضى ولهذا الخراب أن يقفا.
وعلى المجتمع الدولي العمل على وضع حد لبرنامج النظام الإيراني النووي والباليستي، ووقف نشاطاته المزعزعة للاستقرار في المنطقة، وتدخلاته السافرة في الشؤون الداخلية للدول الأخرى».
دمتم بخير، وتقبلوا صادق الود. وإلى لقاء. والسلام.