خالد بن حمد المالك
يحاول الرئيس الأمريكي في موقفه من قضية مقتل الموطن السعودي جمال خاشقجي أن يقول للإعلام المبغض له وللمملكة كفى دجلاً وتضليلاً وكذباً، فق عرَّاكم هذا الحادث، وأظهركم على حقيقتكم، وأبان عوار ممارساتكم لهذا الأسلوب القذر في التعاطي مع من يتابع وسائلكم الإعلامية.
* *
فتصريحاته الأخيرة لم ترض هذا الإعلام، أو تقنع القابعين على مقاليد السلطة في كل من الدوحة وأنقرة، ومن ساندهم بدوافع وأسباب سياسية ومالية وأجندة مشبوهة في التعاطي مع هذا النوع من القضايا، وبخاصة حين يكون للمملكة طرف فيها.
* *
الرئيس ترامب قدَّم درساً موجعاً لمن كانوا ينتظرون أن يضحي بالعلاقات التاريخية بين المملكة وأمريكا، إرضاءً لحقدهم وتآمرهم على المملكة، وهو التوجه الذي تقوده تركيا وقطر، ووجدتا في حادث مقتل الخاشقجي فرصتهما لمحاولة اختراق هذه العلاقة التاريخية، والتأثير عليها سلباً، إن لم تستطع تقويضها.
* *
لقد كان موقف الرئيس الأمريكي حكيماً وشجاعاً وواقعياً، حين لم تؤثِّر عليه الأصوات النشاز الإعلامية والسياسية، سواءً داخل الولايات المتحدة الأمريكية أو خارجها، فليس من مصلحة أمريكا أن يؤثِّر على علاقاتها بدولة مهمة كالمملكة حدث عابر أنكرته المملكة قبل غيرها، وسمَّت المتهمين وقدَّمتهم للعدالة، بما أزال أي لبس أو غموض في موقف المملكة الرافض لهذا التصرّف في التعامل مع جمال.
* *
وبمثل هذا الموقف من الرئيس ترامب، كان موقف المملكة حكيماً، فقد تصرفت قيادتها كدولة لها وزنها السياسي والاقتصادي والتاريخي، فلم يؤثِّر على موقفها هذا الزخم الإعلامي الكريه، فحافظت على مكانتها ومسؤوليتها وعلى احترام العالم لها، فتعاملت مع قضية مقتل الخاشقجي، بما يوفر العدالة، ويضمن محاسبة المتهمين بقتله.
* *
لقد كان الأولى بتركيا بدلاً من هذا الضجيج أن تزوِّد المملكة بما لديها من معلومات، وأن تسهِّل حضور الأتراك المعنيين إلى المملكة ليدلوا بما لديهم من حقائق يدعونها، إذ إن المحاكم السعودية هي الأولى والأكثر استقلالية وعدالة من محاكم تركيا في الكشف عن الحقائق ومحاسبة المتسببين، فضلاً عن أن المقتول والمتهمين بقتله هم سعوديون، كما أن المكان الذي قتل فيه كان في القنصلية السعودية، وهي أرض سعودية بحسب القوانين المنظّمة لذلك.