شريفة الشملان
ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد
لقد زادني مسراك وجدا على وجد
سقى الله نجدا والمقيم بأرضها
سحائبا غواد خاليات من الرعد
وعدت في المقال الماضي أن أكتب عن مدن القصيم الأخرى والتي لا تقل عن عنيزة، ولكني سأفتتح هذا المقال أولا بسؤال لماذا يعشق أهل القصيم وأهل نجد البلد الأم؟
رغم أنه غير مستنكر على كل إنسان حبه لوطنه الأم وكم تغنى شعراء بذلك, ولعل شعراء العراق أكثر من يتغنى في وقتنا الحاضر, كما لم ينس المصريون وطنهم الأم وهم في الغربة, نعم الأوطان غالية جدا حتى ولو كان هناك شظف عيش الذي يجعل الإنسان يرحل بحثا عن الرزق.. ولكن أهل نجد وأن شرقوا للهند وشملوا لسوريا والعراق وغربوا لمصر تبقى نجد هي حسهم وهي التي ترحل أفئدتهم لها.
والمقولة الشهيرة أيام شظف العيش:
الشام شامك إذا الدهر ضامك، والهند هندك إذا قل ما عندك، والريف ريفك إذا قلت مصاريفك (الريف تعني العراق).
عاشوا في سوريا حيث الجو الجميل وحيث الخضرة والأنهار والجمال الرباني يحيط بهم من كل جانب، وعاشوا في العراق حيث نهري الرافدين والنخيل والخضرة في كل مكان,ولكنهم يتغنون بنجد.. يعشقون حرها وغبارها، يعشقون الليل والقمراء في صحرائها، ورائحة الحطب حيث تحمس وتدق القهوة.. ويتغنون شعرا وعشقا, هم يعشقون وطنا ومعه عشقا خاصا لا تسبر أغواره, الروح للروح معروف أمرها ولكن عشق نجد مهما بعدت الدروب هو الذي يبدو نوعا من عشق المرتبط بالأرض بجوها وناسها ومطرها ونخيلها, ولأنني أكتب عن النخيل فيعني زراعته والعناية به كما تعتني الأم برضيعها, زراعة النخيل لا تأتي أكلها سريعا, لذا ينعجن الحب كل يوم يمضي, الارتباط بالأرض سواء مالكا أو فلاحا..وخير الأرض كثير. رائحة الطين المبتل بالمطر والخضرة هي التي عجنت إنسان نجد بأرضه والقصيم ربما هي الأكثر..
لعلي أذكر من باب الشيء بالشيء يذكر هو أن العدو الصهيوني عندما وهبت له بريطانيا أرض فلسطين أول ما فكر به الزراعة لأنها تربط الإنسان بالأرض ولم يكن يعرف عن اليهود الزراعة, فهم دائما تجار أما بسطاء وأما مرابون يعرفون كيف يولدون من النقود نقودا (هم أول من فكر بالبنوك)،وتجار ذهب.. تجارة خفيفة تسهل لهم الخزن والإخفاء والحمل متى ما أرادوا التنقل أو متى ما ساءت الظروف، نحن نعرف أنهم في أوربا كانوا مكروهين جدا.فعملوا الكيبوتوس يدربون فيها الأسر والشباب على الزراعة، أحببت أن أبين أن الزراعة هي الروح التي تجذب الإنسان فما بالنا بزراعة النخيل الذي يحتاج طول وقت وصبر, وهذا نفسه ما يجعل الفلسطينيين يتعلقون بأرضهم رغم السنين حيث شجر الزيتون الضارب عمقا في الأرض وحياتهم..
أعود لموضوعي الأصلي عن القصيم بريدة العاصمة والتي لا تختلف أرضا ولا غابات نخيل عن عنيزة, يسكنها أكثر من نصف مليون شخص, تتمتع بنفس ما تتمتع به عنيزة من جو جميل, وقيل إن اسمها ((بريدة)) مأخوذا أصلا من تكاثر نبات البردى حيث كانت هناك خباري وغدران ينمو عليها,
تتشابك العوائل بين عنيزة وبريدة, وبين كل المدن عادة في نجد وخاصة في القصيم..ولا تختلف المدن الأخرى الصغيرة عن الكبرى, البدائع وعيون الجوا، الرس والبكيرية جميع مدنها صغيرة كانت أم كبيرة..
طبعا لن أستطيع أن أعطي كل مدينة في القصيم حقها لكنها جميعا تشكل لوحة جميلة من خضار وكثبان رملية وردية نراها من الجو..
القصيم جميلة جدا وتستحق أن يكون لها حضور جميل في السياحة الداخلية وهذا ما أجلته لآخر هذا المقال ولعلي اختصره بالنفاط التالية:
قلت في مقالي الأول أني سأكتب عن وزارة النقل التي المفروض أكبر مهمة لها تسهيل المواصلات بين المدن والمناطق وبأسعار معقولة، كما تكون محطات القطار قريبة ومتصلة مع بعضها,، وهنا أشيد بقطار الرياض القصيم نظرا لما سمعت من مدح عنه..ولكن على المسافر بالقطار من الدمام للرياض كي يغير القطار أن يقطع مسافة بالسيارة محملا بعفشه بين المحطتين.
أسعار النقل الجوي مبالغ بها كثيرا فرجال الأعمال تكلف ألفين ريال ذهابا وعودة والمسافة لا تعدو ساعة وبعض دقائق أما الاقتصادية فهي بسبعمائة ريال.
هيئة السياحة والترفية أظنها تغفل عن عمل دورات تدريبية وتنظيمية لعمل الفنادق والمنتجعات، فما زالت تحتاج الكثير.. فعملية التنظيف لا تسير بصورة حسنة ناهيك عن حدوث بعض الاستغلال للضيوف.. هناك أحيانا نوع من الإهمال ربما غير المقصود مثلا أحد المنتجعات يعلن عن توفر وجبات الفطور والغداء والعشاء فوجئنا أنه لايوجد غداء وبدون إعلان مسبق وكان وراءنا رحلة للدمام.
وأريد أن أنبه أيضا لسائقي شركات التوصيل (لا أود ذكر أسماء) فيجب تدريبهم بأن عليهم التوصيل فقط ويعرفون الأمكنة دون أن يدلهم الراكب عليها, وليس من مهمتهم معرفة تاريخ الراكب وأصله من فصله..
هذه الأشياء لا تقلل من متعة القصيم ولكن تلافيها يجعلها أكثر.
ويا حبي لكم يا أهل القصيم.