الحديث عن الأستاذ سليمان بن جاسر الحربش، شخصية وطنية بامتياز، متعدد الجوانب، مترامي الأطراف، واسع المساحة.. فهو يتمتع بشخصية قيادية قوية وإنتاجية قولاً وعملاً وخُلقاً، وابتسامة دائمة على وجهه تعبر عن التفاؤل والنجاح، وإنه لا شيء هنالك مستحيل ما دامت الإرادة موجودة.
لقد تقلد الحربش عدة مناصب في وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية سابقاً، وقد عملت تحت إدارته في اللجنة التنفيذية لشركة تكساكو العربية السعودية قبل أن يعين مديراً عاماً لصندوق أوبك للتنمية الدولية (أوفيد) في نوفمبر 2003, وكنت شاهداً على أسلوب أدائه في إدارة الجلسات وهو أسلوب يجمع بين اللباقة في التعامل مع الشريك الأجنبي مع حماية مصالح المملكة وعدم التفريط بها، الأمر الذي أثنى عليه ممثلو شركة شيفرون (التي استحوذت على تكساكو) عند تكريمه في أواخر عام 2003م، كما تميزت هذه الشخصية بعزيمة قوية متجددة، تنداح من بسمات وجهه وثقته بنفسه مما جعلته يحوِّل أوفيد إلى مؤسسة عملية منتجة، أحدث فيها نقلة نوعية متميزة على مدى خمسة عشر عاماً، شملت مائة وأربعاً وثلاثين دولة فقيرة، وذلك ضمن توجه المملكة العربية السعودية في القضاء على فقر الطاقة في الدول الفقيرة خارج دول الأوبك، حيث يوجد 1.1 مليار نسمة في العالم محرومين من الكهرباء، و5.2 مليار نسمة يستخدمون الوقود الحيوي (الحطب وروث البهائم) للطبخ والتدفئة، ووفاة نحو خمسة ملايين نسمة معظمهم من النساء والأطفال جراء استنشاق دخان الوقود الحيوي، طبقاً لإحصاءات منظمة الصحة العالمية، حيث دعمت المملكة هذه الفكرة وتبنتها القيادة العليا ورسمت لها مساراً، وقدم مسودتها الأستاذ الحربش في قمة الرياض عام 2007م قبل عرضها على الدول الأعضاء، ولاقت القبول والدعم من خادم الحرمين الشريفين كما تمت المصادقة عليها من قبل الدول الأعضاء. من هنا بدأ الحربش بوضع أوفيد على خارطة الطريق للتنمية الدولية للدول الفقيرة التي تفتقر إلى الخدمات الصحية والمواصلات وخدمات المياه بشتى أشكالها المعتمدة على الطاقة كمحرك ومشغل رئيسي وكذلك دعمه ومساندته للاجئين في الدول العربية والشعب الفلسطيني (أونروا) وتقديمه المنح التعليمية لهم.
كما يشهد للحربش بأنه هو الرائد لإضافة فقرة مكافحة فقر الطاقة لبرنامج الأمم المتحدة ليتم اعتماده كهدف إضافي رئيسي في عام 2015م، ويتغير برنامجهم من أهداف التنمية الألفية (MDGS) إلى أهداف التنمية المستدامة (SDGS) حتى 2030م.
إن هذه المهمة الشاقة تتطلب عزيمة قوية ومجابهة الصعاب، وتحمل المخاطر فهي أشبه بالنهاية المغلقة في أدغال إفريقيا إن لم تكن العزيمة متوافرة والإصرار على التنفيذ والنجاح، لذلك كان الحربش فارساً لهذه المهمة على مدى خمسة عشر عاماً، وعلى ثلاث دورات متتالية، حيث انتهت دورته الثالثة في بداية نوفمبر 2018م.
إن هذا التجديد لم يتم عشوائياً، خاصة أن هذا الصندوق تشترك فيه عدة دول، حيث يبلغ عدد موظفيه ما يقارب من 200 موظف وكل دولة تريد أن تقدم مرشحها عند انتهاء الدورة، ولكن هذه القامة غمرت الساحة بقيادته المتميزة للصندوق واكتسابه المحبة في قلوب الناس من حوله، لما يقدمه من تفانٍ وإخلاص في إنجاح عمله وإيصاله لمستوى التميز العالمي بدعم من القيادة الرشيدة، حيث عمل على خلق بيئة عمل صحية لموظفيه، وهو أول من استقطب الموظفين السعوديين في أوفيد وزرع ثقافة عمل متميزة وشحذ الهمم لتحقيق الأهداف الإنسانية وجعلهم يعملون كجسد واحد يذوبون شغفاً في عملهم بالتفكير الجدي لمحاربة الفقر في الدول الفقيرة.
وأخيراً هنيئاً لك أبا زهير بهذا النجاح الباهر الذي حققته خلال فترة إدارتك لأوفيد وحفرت بصماتك في تاريخ الإنسانية وطبعت الابتسامة المشرقة التي لا تفارق وجهك على أفواه ووجوه الفقراء والمحتاجين واللاجئين ليذكروك بالخير دائماً، ويدعو لك بالصحة والعافية وطول العمر.
** **
أديب بن محمد سعيد الخنيزي - مستشار, مهندس بترول بوزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية سابقاً
Akhunaizi@hotmail.com