فضل بن سعد البوعينين
لم تتوقف التنمية والبناء؛ منذ أن أسس الملك عبدالعزيز؛ رحمه الله؛ هذا الكيان المبارك. فكل من آتاه الله الملك؛ من أبناء الملك عبدالعزيز؛ أكمل مسيرة من سبقه، وأحسن البناء، وأجزل العطاء مستعيناً بالله ومتمسكاً بالثوابت. لكل ملك بذرة من بذور الخير؛ يغرسها وينميها؛ ثم يتعهدها من يأتي بعده من أخوانه البررة. لبنات بعضها فوق بعض، رُفِعَ بها البناء فأزدهر وإزداد نمواً وإشراقاً.
شكلت مدينة «وعد الشمال» نموذجاً لتتابع البناء، واستدامة العطاء، وتعزيز التنمية في مناطق المملكة؛ فبعد أن كانت وعداً أطلقه الملك عبدالله بن عبدالعزيز؛ رحمه الله؛ تحولت في عهده إلى مدينة صناعية مكتملة، تدعم اقتصاد المنطقة، وترفد الاقتصاد الوطني، وتعزز قطاعاته، وتحقق هدف التنمية المتوازنة.
وها هي تعود للواجهة من جديد بمشروعات ضخمة يدشنها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في زيارته لمنطقة الحدود الشمالية، فيعزز من مكانتها الاقتصادية ويفتح لها آفاقاً جديدة وفق رؤية المملكة 2030 الداعة لتنويع مصادر الاقتصاد، وتحقيق التنمية المناطقية المتوازنة، وخلق فرص العمل والاستثمار للمواطنين، وتطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، التي تعد من أهم برامج تنفيذ الرؤية. تدشين المرحلة الأولى من منظومة مشروعات مدينة وعد الشمال الصناعية، وبقيمة 55 مليار ريال، ووضع حجر الأساس لمشروعات ومرافق المرحلة الثانية للمدينة بقيمة 30 مليار ريال؛ يؤكد حرص الملك سلمان بن عبدالعزيز؛ وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان على تنفيذ برامج الرؤية، وتعزيز دور قطاع التعدين ورفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي ليكون الركيزة الثالثة للاقتصاد بعد النفط، والبتروكيماويات. إضافة إلى ذلك، فموقع منطقة الحدود الشمالية وارتباطها بقطار التعدين، وقطار الشمال الجنوب، واحتضانها لأهم المعابر الحدودية مع العراق يجعلها مركزاً مهماً لتطوير الصناعة اللوجستية التي تهدف الرؤية إلى التوسع فيها.
أعتقد أن ارتباط وعد الشمال بمدينة رأس الخير، ووجود قطار التعدين سيجعل من تحقيق هدف تعزيز الصناعة اللوجستية، والتدفقات التجارية أمراً متاحاً؛ خاصة مع وجود ميناء رأس الخير العالمي، الذي يمكن أن يكون منصة لها. استكمال مشروعات «وعد الشمال» يؤكد عزم الحكومة على تحقيق التنمية الشاملة المستدامة في جميع مناطق المملكة، واستهداف المناطق الأقل نمواً، وتطوير بنيتها التحتية واستكمال خدماتها وتعزيز اقتصادها لتسهم في توفير الفرص الوظيفية، والاستثمارية، وتعزيز البرامج التعليمية والتدريبية. جمعت مدينة «وعد الشمال» الصناعية بين التنمية المناطقية، والتنمية الصناعية التي يُهدف من خلالها توسيع القاعدة الإنتاجية، وتنويعها، وتحقيق الاستثمار الأمثل للموارد المتاحة، وتحقيق هدف تنويع مصادر الدخل من خلال الاعتماد على الصناعة، وتفعيل قطاعات الاقتصاد المهمة كخيار إستراتيجي يمكن أن يحقق هدف التنمية المستدامة وبشراكة مثمرة وعميقة بين القطاعين الحكومي والخاص.